بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الثالثة لشهر جمادى الأولى بتأريخ 13/5/ 1446ه (15/11/ 2024م)
الموضوع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل نطاق الأسرة.
الخطبة الأولى
الْحَمْدُ للهِ ربِّ الْعَالَمِين, نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى وَنَشْكُرُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ , ونَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إلَيْهِ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً ؛ أشْهَدُ أنْ لاَإلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , اللّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعَلَى كُلِّ مَنِ اتَّبَعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أمّا بعد ,
فَعِبادَ اللهِ أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سِرّاً وَجَهْراً إِذْ هِيَ الْغَايَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ جَمِيعِ الطَّاعَاتِ وَكافَة الْمَأْمُوراتِ وَالْمَنْهِيات وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى: “يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة:2\21)
عباد الله ! فإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كلّ مسلم بحسب قدرته, ولا يسقطه عدم حفظ الأدلة ما دمت تثق بحرمة ما أنكرته, واختلف هل يسقط عند التأكد من عدم استجابة من تنهاهم أم لا, وإذا كان المنكر واقعًا في أسرتك فيجب عليك تعليمهم, ونهيهم عن المنكر برفق وحكمة, وتحذيرهم مما يوقع في سخط الله تعالى, ولا يمنعك من ذلك استغرابهم لما يجهلون, واستهزاؤهم, فالمسلم لا بد له أن يقول الحق، ولو كره النّاس ذلك، ويصبر على ما يلقاه من استهزاء واستغراب, ويتأكد الأمر إذا كان لا يوجد في المجتمع أو في الأقارب من يعلم تحريم المنكر, فقد قال الله تعالى: “وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور” (لقمان:17) وقد كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلم يبايع أصحابه على قول الحقّ في كلّ حال كما في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – قال: ” بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره, وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم “.
فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أ– به خص الله الأمة الإسلامية بخير أمّة ؛ قال الله تعالى :”كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلْنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ…” (آل عمران : 110)
ب-يؤرث القيام به الفلاح؛ لقوله تعالى : “ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكروأولئك هم المفلحون”(آل عمران:104)
ج-هو من حقيقة اتّباع سنّة النبيّ(صلّى) ؛ هذا ولا سيّما بالعلم والتيقّن بما يدعا إليه:”قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي…”(يوسف :108)
إخوة الإيمان ! إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يستدعى الانطلاق بما تعول من الأقرباء بعد الأقرباء ,قال تعالى :”يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَآلِىكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ” (التحريم:6) مع أنّ هناك
منكَرات من البيوت فيما يتعلق بالأخلاق والآداب التي تتطلّب القيام باقتلاعها من الجذور,منهاما تلي :
أ- الانشغال باللّهو: وقد أضحى اللهوُ في عصرنا (فنًّا) يَنال كلَّ أحدٍ، واللهو منه المحرَّم، ومنه المكروه، ومنه المباح، لكن بقدرٍ، ولئن كان الدّين الحنيف لم يَنْهَ عن اللّهو المباح والترفيه والترويح في حدود الشرع، إلاّ أنّه يَحرُم الخلودُ إليه، والاشتغال به اشتغالاً تَضيع معه الصلوات، ويَنغمِس المرء في الشهوات، فيُصبح كمُدمن خمرٍ، أو عابد وثَنٍ، لا يَكتَرث بالمصير ولا الجزاء، ولا يَعرِف موتًا ولا حياة ولا نشورًا؛ كما قال – تعالى -: ” فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ” (مريم: 59 – 60).
والخَلْف: قال الطّبري: فحدَثَ مِن بعد هؤلاء الذين ذكرتُ مِن الأنبياءِ الذين أنعمتُ عليهم، ووصفتُ صِفتَهم في هذه السُّورةِ، خَلْفُ سَوْءٍ في الأرضِ؛ أضاعوا الصلاةَ.
وإضاعة الصلاة: تأخيرُها عن وقتْها، وقيل: ترْكها، وقيل: الإخلالُ بشروطها .( النكت والعيون (3/ 379).
وهذا كلُّه يحصل بالانغماس في اللهو والشهوات، والافتتان بزخارف الدنيا.
فمن مسؤوليات الوالدينِ – لا سيما الأب – العملُ الدائب على وقاية الأولاد مساوئَ الانغماس في اللّهو وإدمانه، وهو ما يصير إليه الولد إن أُهمِل في نشأته، ولم يُبَصَّر بالصالح والطالح مما يَفِد إلينا عبر قنوات الإعلام من المجتمعات غير الإسلامية، الأمر الذي يؤدي بالتدريج إلى الانسلاخ من الدين، كما أشارت الآية الشريفة بإضاعة الصلوات أولاً، وباتِّباع الشهوات والانغماس فيها بعد ذلك.
وقد أصبح منْعُ هذا الغزو الفكري – المُقنَّن بالكلية – غيرَ مقدورٍ عليه، فلم يبقَ معه إلا التربية الإسلامية السويَّة، بدءًا من داخل البيت مما هو من مسؤوليات الآباء، تضافُرًا مع المؤسسات التربوية الأخرى، وإلاَّ فإن عاقبة الإهمال وخيمة، وقد أشار إليها حديث أبي مالك الأشعري – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “ليَكونَنَّ من أُمتي أقوامٌ يَستحِلون الحِرَ – أي: الفرْج – والحرير، والخمر، والمعازف، وليَنزِلَنَّ أقوام إلى جَنْب عَلَمٍ – أي: جبل – يَروح عليهم بسارحة لهم – يعني: الراعي بغنَمهم – يأتيهم – أي: الفقير – فيقولون: ارجِع إلينا غدًا، فيُبيِّتهم الله، ويضع العلَم، ويَمسَخ آخرين قِردةً وخنازيرَ إلى يوم القيامة” رواه البخاري في كتاب الأشربة، باب فيما جاء فيمَن يستحلُّ الخمر (10/ 51).
ب- قطيعة الرَّحم، وهجْر الأقارب: وقد تمضي أشهر دون أن يعرِف عنهم شيئًا، فضلاً عن أن يتفقَّد حاجاتهم ويَصِلَهم، وقد يكون ذلك على مستوى الأفراد أو الأُسَر، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “لا يدخل الجنةَ قاطعُ رحمٍ”- رواه جُبير بن مُطعم عن أبيه – رضي الله عنه . ورواه مسلم في كتاب البر والصِّلة (2556).
ج- سوء استعمال اللّسان: وصورهذه كثيرة؛ كالسبِّ واللعن، والغِيبة والكذب، والطعن في النسَب أو المهنة، ونحو ذلك كثير، وكل ذلك فِسق؛ ففي حديث عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “سِباب المسلم فُسوق، وقتاله كُفر”(متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الإيمان، حديث (48)، ومسلم في كتاب الإيمان (64))
وفي حديث عبدالله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “المسلم مَن سلِم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَن هجَر ما نهى الله عنه” (متفق عليه ورواه البخاري في كتاب الإيمان، حديث رقم (10)، ومسلم في كتاب الإيمان، حديث (40))
ومن آفات اللسان التي تُعَد من أوخمِ المنكرات: الكذب، وهو من صفات المنافقين، ولا يكون المسلم الصادق الإسلام كاذبًا أبدًا؛ ولهذا لَمَّا سُئل النبي – صلى الله عليه وسلم -: أيكون المؤمن جبابًا، قال: “نعم”، قيل: أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: “نعم”، قيل: أيكون المؤمن كذابًا؟ قال: “لا”؛ رواه صفوان بن سُليم – رضي الله عنه” . (رواه مالك في الموطأ، كتاب الجامع، حديث (1571))
د-الإسراف في المطعم والمشرب، والملبس والمَركْب والأثاث، والإسراف والتبذير مَنهيٌّ عنه في كلِّ شيء؛ قال – تعالى -: ” وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ” (الإسراء: 26 – 27)، وقال: ” …وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ” (الأعراف: 31)، ودعا إلى التوسُّط والاعتدال في الإنفاق، فقال: ” وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ” (الإسراء: 29).
ومن صُور الإسراف:
الإسراف في ولائم الزواج، وفي حفلات التكريم، وفي الموائد اليومية، وفي مائدة الإفطار في شهر رمضان، وفي تغيير أثاث البيت كلَّ عام، ونحو ذلك، وفي تغيير (موديل) السيارة دون حاجة مُعتبرة سوى التجديد، وفي اتخاذ النمارِق والسُّتور التي فيها تصاويرُ، وفي استخدام عددٍ من الخدم والسائقين دون حاجةٍ إليهم، بل للمُباهاة، وصور الإسراف عديدة، ولو رُحنا نُعددها ونَضرِب عليها الأمثلة، لطال بنا المقام.
عباد الله تعالى ؛ ما من ريبٍ في أنّ الأبوينِ هما القدوة العملية المباشرة للأولاد في حُسن التأني في القول، وفي تجنُّب آفات اللسان كلها؛ فالطفل يرى الأخلاق والمُثُل والقِيَم، وكل المعاني الشريفة من خلال أبويه، فيُحاكيهما ويُقلدهما، ويتعلم منهما، ويرى أن ما عليه أبواه هو الصواب الذي لا مَحيد عنه؛ لذا وجَب على الأبوين أن يقُوما بدورهما التربوي هذا خيرَ قيامٍ، وأن يَحتَرِزا من الوقوع في زَللٍ؛ كيلا يُتابَعا عليه.
وقديمًا قالوا: وينشأُ ناشئُ الفِتيان فينا # على ما كان عوَّده أبوهُ
نسأل الله تعالى أن يصلح أمورنا وأن يبارك فيما يهب لنا من الأبناء.
الخطبة الثانية .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي رسوله الكريم وعلي أله وأصحابه أجمعين وبعد .
فيا عباد الله الكرام ! إنّ من سنن الله تعالى في خلقه ثابتة؛ لا تتغيَّر، ولا تُحابي أحدًا، ولا تتخلَّف عند وجود أسبابه. ومن سُنن الله الماضية أن يُسَلِّط عقوباته على المجتمعات التي تفرِّط في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: “لُعِنَ الَّذينَ كَفَرُوا مِنْ بَني إِسْرائيلَ عَلى لسان دَاودَ وعيسى بن مَرْيَمَ ذلكَ بِما عَصَوْا وكَانُوا يَعْتَدونَ.كَانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنْكَر فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلونَ” (المائدة:78) فمن آفات عدم القيام واجبة الأمر بالعروف والنهي عن المنكر :
الوقوع في الشهوات والإغراق فيها
وهذا من شأنه أن يجعل الناس مرتبطين بالدُّنيا، أصحاب نفوس ضعيفة، غير جادِّين
فالشابُّ الذي ليس له همٌّ إلا أغنية ماجنة، أو مجلَّة خليعة، أو شريطٌ مرئيٌّ هابط، أو مكالمةٌ هاتفيَّة شهوانيَّة، أو سفرٌ إلى بلاد الإباحيَّة والتحلُّل؛ هذا الشابُّ الذي أصبحت حياتُه كلُّها شهوةً؛ هل يستطيع أن ينعتق من إسار الدُّنيا، ويجدَّ في تحصيل العلم النافع؟! هل يستطيع أن يحمل السِّلاح ليدافعَ عن نفسه وعن أمَّته؟!
لا ريب أنَّه لا يطيقُ ذلك؛ لأنَّه تعوَّد على الارتباط بالدُّنيا، والرُّكون إلى الشَّهوة، ولم يألف الجدِّيَّة والحزم
وإنَّك لتجد مصداقَ ذلك عندما تتأمَّل في واقع كثير من الشَّباب المُبْتعَثين إلى البلاد الغربيَّة مثلاً:
حيثُ ترى الشابَّ المتديِّن المستقيم منهم جادًّا في تحصيله العلمي؛ لأنه يحمل همَّ أمَّته؛ لأنه لم يعبد الشَّهوة، ولم يرسُفْ في أغلال الدنيا الدنيَّة.
أما الشابُّ الشهوانيُّ المنحرف؛ فإنك تراه منغمسًا في شهواتِه ورغباتِه؛ غير جادٍّ في تحصيله العلمي، تافه الاهتمامات؛ لأنه لا يحمل إلاَّ همَّ هواه، فتخسره الأمة، ويكون وبالاً عليها..
وفي مجتمعات المسلمين؛ لا شكَّ أنَّ ترك الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر هو سبب غرق أبناء المجتمع في الملذَّات والأهواء التي تقعدُ بهم عن معالي الأمور.
الأزَمات الاقتصاديَّة: قد تحلُّ الأزمات الاقتصاديَّة بالمجتمع المفرِّط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتتلاطَمُ به أمواج الفقر والضَّوائق، ويذوق الويلات من الحرمان.
ولقد وصلت الأزمات ببعض المجتمعات الإسلامية إلى حال من الفقر يُرثى لها، حتى أصبح الفردُ يكدَحُ في سبيل الحصول على لقمة العيش؛ فلا يجدها، مما قد يُحْوِجُه إلى ما في أيدي النصارى المتربِّصين الذين يسخِّرون طاقاتِهم لتنصير المسلمين، فيؤدِّي ذلك إلى وقوع المسلم في التَّنصير والعياذ بالله؛ خاصةً أن انشغاله بلقمة العيش قد ينسيه كثيرًا من أمور دينه، مما يبعده عنه، ويهوِّنه عليه..
ولعلَّ من أجلى الصور وأوضحها: الدَّمار الاقتصادي الذي يلحقُ المجتمعات بسبب إهمال النهي عن المنكر في شأن الرِّبا، مما جرَّ على المجتمعات الإسلامية مآسي عظيمة من تفاقُم في المستويات المعيشيَّة والاقتصاديَّة، فيزيد الفقير فقرًا إلى فقره، ويزيد الغني ثراءً، فيصبِحُ المال دُولةً بين الأغنياء، وتسيرُ الأمَّة إلى هاوية الدَّمار البعيد.
وها هي ذي مراكز الدِّراسات الغربيَّة تتحدَّث عن مصير أسود ينتظرُ الرأسماليَّة خلال عقد أو عقدين من الزَّمان، كذلك المصير الذي آلت إليه الشيوعيَّة!
(“فَهَلْ يَنْتَظرُونَ إلا مثْلَ أَيَّام الَّذينَ خَلَوْا منْ قَبْلهمْ قُلْ فَانتَظرُوا إنِّي مَعَكُمْ منَ المُنْتَظرينَ” ( يونس:102
عدم إجابة الدُّعاء
عباد الله الكرام! إنّ الإنسان يلجأ إلى الله وحده عندما يمسُّه الضرُّ، ويدعوه سبحانه أن يكشف عنه السوء، حتى المشرك يفعل ذلك يقول سبحانه وتعالى: “ثُمَّ إذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإليْه تَجْأَرُونَ” (النحل:53.)،”وَإذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ في البَحْر ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إلاَّ إيَّاهُ” (الإسراء:67)
والمسلمون التاركون لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ عندما ينـزل بهم العقاب؛ يتَّجهون إلى الله عزَّ وجلَّ؛ يدعونه، ولكنَّه لا يستجيب لهم؛ كما جاء في حديث حُذيفة الذي سبق ذكرُه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “والَّذي نفسي بيده؛ لتأمُرُنَّ بالمعروف، ولَتَنْهَوُنَّ عن المُنْكَرِ، أو ليبعثنَّ الله عليكم عقابًا منه، ثم تدعونَه، فلا يُستجابُ لكم…”
الدعاء : اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، وألِّف بين قلوبهم، ووحِّد صفوفهم، ووفِّقهم لاتِّباع كتابك وسُنة نبيِّك، اللهم هيِّئ لنا الأسباب لتحرير المسجد الأقصى، واهْدِ المسلمين حُكَّامًا ومحكومين لإقامة شريعتك، ونصرة دينك. اللهم عليك باليهود المعتدين، وبمن يعينهم من النصارى والمنافقين، اللهم انتقم منهم، وخالف بين كلمتهم، وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.إنك مجيب الدعوات وبالإجابة جدير والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.