TMC Friday Khutbah Banner (Website)

نحو الحكومة الراشدة مسؤولية الناخبين

بسم الله الرّحمان الرّحيم

الخطبة الثانية لشهر ربيع الثاني بتاريخ 9 ربيع الثاني 1444هـ 4\11\2022م)

الموضوع: نحو الحكومة الراشدة : مسؤولية الناخبين .

الخطبة الأولي

الحمد لله رب العالمين, الْقائْعِلِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾{الأنفال:8 \27}, ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾{القصص:28\ 26}.نَحْمَدُهُ سُبْحانه وتَعَالَى وَنَشْكُرُهُ وَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِناَ , إِنَّهُ مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ؛ وَاَشْهَدُ أَنْ لاَإِلَهَ إِلاَ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأشْهَدُ أَنَّ محُمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, الْقَائِلَ فِي حَدِيثِهِ الشَّرِيفِ: “إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”. قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:”إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ؛ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”{رواه البخاري} والصلاة والسلام عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين.

أمّا بعد ,

فَيا عِبَادَ اللهِ, أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, إِذْ هِيَ مَنْهَجُ الصَّالِحِينَ أُولي الأَلْبَابِ, قَالَ الله تَعَالَى:﴿وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ {البقرة:2\197}.

إخْوَةَ الإِيمَانِ, هَذَا هُوَ اللِّقَاءُ الثاني فِي شَهْرِ ربيع الثاني وَنَحْنُ عَلَى قَضِيَّةِ السَّاعَةِ فِي وَطَنِنَا نَيْجِيرِياَ أَلَا وَهِيَ قَضِيَّةُ الانْتِخَابَاتِ الْعَامَّة.واليوم _ بقدرة الله _ تدور خطبتنا حول مسؤولية الناخبين تحت الموضوع الرئيسي : نحو الحكومة الراشدة ونسأل الله التوفيق والسداد في أدائها .

وبعد\

فالانتخابات النيابية وسيلة شرعية لاختيار النواب الذين يمثلون الأمة، وينوبون عنها في مراقبة الحكومة، وسَنِّ القوانين لخدمة المواطنين والنهوض بمصالحهم، وهي بهذا تُمثِّل إحدى آليات قاعدة الشورى التي تُقرِّرها الشريعة الإسلامية.

ومسؤولية المرشح أمام الله تعالى مسؤولية عظيمة، عليه أن يستشعر ثقلها ويُدرك أهميتها، بما يعينه على القيام بها، ويؤدي الذي عليه بأمانة وإخلاص، لما فيه الخير للوطن والأمة، قال الله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً) الأحزاب/٧٢.

فيحرم على المرشح أن يؤثِّر على إرادة الناخبين بتقديم الأموال والرشاوى، فعن عبد الله بن عمرو قال: “لَعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي” رواه أبو داود.

وإدلاء الناخب بصوته كذلك مسؤولية عظيمة عليه أن يؤديها بأمانة وإخلاص، وهو يستشعر كذلك بأنه سيُسأل عن هذه الأمانة أمام الله تعالى، قال سبحانه: (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف/١٩.

ولكي يُبرئ الناخبُ ذمتَه أمام الله تعالى، ويقوم بهذا الواجب الكبير على أكمل وجه عليه أمران:

الأول: اختيار الأصلح والأفضل للقيام بهذه المهمة العظيمة. وهذا يتطلب أن يختار المرشح: القوي بعلمه وتخصصه، والأمين على مصالح البلاد والعباد، قال تعالى: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) القصص/26. ولهذا اعتذر النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه عندما سأله الولاية بقوله: (يا أبا ذر، إنك رجل ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يومَ القيامة خزيٌ وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه” رواه مسلم.

الثاني: أن يُشارك الناخب بصوته بحرية، وبما يمليه عليه دينه وضميره، دون أن يتأثر بأعطيات أو هبات؛ لأن الإدلاءَ بالصوت إدلاءٌ بشهادة، وهذه لا تصلح أن تكون محلاًّ للبيع أو المساومة، وأيُّ مالٍ يتقاضاه نتيجة ذلك مالٌ حرام، سيُسأل عنه أمام الله تعالى، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) النساء/٢٩.

وفي هذا أيضًا تضييع للأمانة، وفساد في الأرض كبير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (… إذا ضُيِّعَت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها، قال: إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة) رواه البخاري.

أما تحليف الناس لإجبارهم على انتخاب شخص معين؛ فلا يجوز شرعًا لا للحالف ولا للمُحلِّف، وليس لأحد أن يُحَلِّف أحدًا على ذلك، ولم تُشرع الأيمان لهذا الأمر، قال تعالى: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة/٢٢٤.

ويجب على من حلف يمينًا أن يتحلَّل منه بالتكفير عن يمينه، وانتخاب الأصلح لدينه ودنياه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ حَلَفَ على يمين فرأى غيرها خيرًا منها؛ فليأت الذي هو خير، وليُكَفِّر عن يمينه” رواه مسلم.

نسأل الله تعالى أن يهدينا جميعًا إلى سواء السبيل، وأن يوفقنا لما فيه الخير لبلدنا وأمتنا.

 الخطبة الثانية

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

وحدة الأمة الإسلامية فريضة وضرورة

فموضوع وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم على الحق يعد من أهم الموضوعات وأخطرها، وهو ليس موضوعا جديدا على الأسماع والعقول، غير أن أساليب المتحدثين فيه ومناهجهم مختلفة ومتنوعة إلى حد كبير، فمن الدعاة من يقدم طرحا في موضوع الوحدة تغلب عليه العواطف الجياشة والأمنيات الجميلة، فيدعو إلى وحدة غير منضبطة بالشرع فلا أصول يجتمع عليها الناس ولا مبادئ، ولا تمايز فيها بين طوائف الأمة، لا فرق بين متبع للكتاب والسنة ومستمسك بهدي السلف الصالح، وبين مبتدع في الدين ومحدث فيه ما ليس منه.

ومن دعاة الوحدة أيضا من يحف مفهوم الوحدة بضوابط وقيود تجعله من المستحيلات التي لا يمكن تحقيقها في الواقع العملي إلا في نطاق ضيق جدا.

ومن دون هؤلاء وأولئك دعاة إلى الوحدة أهل فقه وبصيرة وتوازن واعتدال، يدعون إلى وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم على الحق، فيوازنون بين فريضة الاتباع وضرورة الاجتماع، نسال الله أن يوفقنا لنكون من أهل الفقه والبصيرة في الدين ومن أهل التوازن والاعتدال حتى لا نقع في إفراط أو تفريط في معالجة هذا الموضوع المهم.

مفهوم وحدة الأمة الإسلامية

وحدة الأمة الإسلامية هي: اجتماع المنتسبين إلى الإسلام على أصول الدين وقواعده الكلية، وعملهم معا لإعلاء كلمة الله ونشر دينه، وبذالك يحققون معنى الأمة كما قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [سورة آل عمران: 110]، وقد وصف الله تعالى المسلمين في الآية الكريمة بأنهم خير أمة، وذكر موجبات تلك الخيرية وهي: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان بالله تعالى، وأتى بجميعها على صيغة الجمع ليدل على وجوب اجتماعهم واتفاقهم.

والأمة كما قال المناوي رحمه الله هي: (كل جماعة يجمعها أمر، إما: دين، أو زمن، أو مكان واحد، سواء كان الأمر الجامع تسخيرا أم اختيارا. (التوقيف على مهمات التعاريف ص 94)

ومثال الأمة التسخيرية أمة البشر وأمة الطير، قال تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [سورة الأنعام: 38]، وكذلك أمة الكلاب (عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسود البهيم. (أخرجه أحمد في المسند 4 /85 وأبو داود في سننه 3/67 والترمذي في سننه 4/78)

أما الأمة الاختيارية فهم كل مجتمعين على دين أو مذهب كأمة اليهود، وأمة النصارى وأمة الإسلام، قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً} [سورة النساء: 41]، وفي حديث الشفاعة قوله صلى الله عليه وسلم: (فيقول: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع،فأقول: يا رب أمتي أمتي)(3).

والمسلمون أمة واحدة لاتفاقهم على كليات العقيدة ودعائم الشريعة، وإن اختلفوا في الفروع والجزئيات ………

الدّعاء :

اللهم أمنا في أوطاننا وول علينا خيارنا وأيد بالحق أولياء أمورنا, وحقق الأمن والاستقرار في بلادنا, اللهم إنّا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم, اللهم أعز الإسلام والْمسلمين وأصلح أحوال الْمسلمين فى كل مكان, وادفع عنا الفتن والشرور  وأصلح لنا ولاة الأمور, واستجب دعاءنا إنك أنت سَميع الدعاء.

Scroll to Top