TMC Friday Khutbah Banner (Website)

نظرة إسلامية فى ترشيح غير المسلمين للمجالس النيابية

بسم الله الرّحمان الرّحيم

الخطبة الثالثة لشهر ربيع الثاني بتاريخ 16 ربيع الثاني 1444هـ 11\11\2022م)

الموضوع: نظرة إسلامية فى ترشيح غير المسلمين للمجالس النيابية .

الخطبة الأولي

الحمد لله رب العالمين, الْقائْعِلِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾{الأنفال:8 \27}نَحْمَدُهُ سُبْحانه وتَعَالَى وَنَشْكُرُهُ وَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِناَ , إِنَّهُ مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ؛ وَاَشْهَدُ أَنْ لاَإِلَهَ إِلاَ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأشْهَدُ أَنَّ محُمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, الْقَائِلَ فِي حَدِيثِهِ الشَّرِيفِ: “إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”. قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:”إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ؛ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”{رواه البخاري} والصلاة والسلام عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين.

أمّا بعد , فَيا عِبَادَ اللهِ, أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, إِذْ هِيَ مَنْهَجُ الصَّالِحِينَ أُولي الأَلْبَابِ, قَالَ الله تَعَالَى:﴿وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ {البقرة:2\197}.

إخْوَةَ الإِيمَانِ, هَذَا هُوَ اللِّقَاءُ الثالث فِي شَهْرِ ربيع الثاني وَما زلنا عَلَى قَضِيَّةِ السَّاعَةِ فِي وَطَنِنَا نَيْجِيرِياَ أَلَا وَهِيَ قَضِيَّةُ الانْتِخَابَاتِ الْعَامَّة. ونتجاوز اليوم إلى موضوع جديد ألا وهو : نظرة إسلامية في ترشيح غير المسلمين فى المجالس النيابية . نسأل الله جل وعلا أن يوفقنا إلى ما فيه الخير والسداد .

فالانتخابات النيابية -كما قلنا سابقا -وسيلة شرعية لاختيار النواب الذين يمثلون الأمة، وينوبون عنها في مراقبة الحكومة، وسَنِّ القوانين لخدمة المواطنين والنهوض بمصالحهم، وهي بهذا تُمثِّل إحدى آليات قاعدة الشورى التي تُقرِّرها الشريعة الإسلامية .

وأما نظرة الإسلام فى  إعطاء المسلم تصويته غير المسلمين فى المجالس النيابية كالآتي :

فإن مشاركة المسلم في مثل هذه الانتخابات لها حالتان :

الحالة الأولى: حين يكون نظام الحكم إسلامياً، قد خضع وانقاد لحكم الله تعالى في قوانينه ولوائحه وأحكامه وأدبياته، وكان المنتخَبون يحملون المواصفات الشرعية لأهل الحل والعقد كالعلم والعدالة والاستقامة والرأي والحكمة وكانوا أهل شوكة في الناس يحلون الأمور ويَعْقدونها، فلا مانع عندئذ من المشاركة في انتخابات هذا وصفها، ولا يوجد فارق مؤثر بينها وبين الاختيار الذي كان يتم في زمن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين.

بل المشاركة فيها من إيصال الأمانة التي أمر الله بحفظها وتأديتها إلى أهلها. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } [النساء:58]. ومن الأمانة، اختيار أهل العلم والإيمان وتوسيد الأمر إليهم، ففي مسند أحمد وصحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة“.

الحالة الثانية: أن يكون نظام الحكم غير إسلامي كالنظام الديمقراطي أو الشيوعي أو غيرهما من الأنظمة الوضعية المنافية للإسلام، ففي هذه الحالة الأصل هو المنع من المشاركة لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة، ومنها: الركون إلى الظالمين وحضور مجالسهم واختلاط الحق بالباطل وعدم ظهور راية أهل الإيمان وتمايزهم عن أهل الكفر والطغيان، والله تعالى قد نهى عن ذلك كله فقال: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود:113]. وقال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعا ً} [النساء:140]. وقال تعالى: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [الفتح:25].

ولكن إن رأى العلماء الراسخون أن المشاركة في هذه المجالس النيابية، تقتضيه مصلحة شرعية معتبرة كرفض الباطل أو التخفيف منه أو إظهار الحق أو بعضه دون الموافقة على إقرار باطل أو رد شيء من الحق فلا مانع منه حينئذ. والأولى بأهل العلم والفضل والذين يُقتدى بهم أن لا يدخلوا في ذلك، وإنما يوجهون الناس إلى ما يصلحهم من اختيار الأفضل أو الأقل سوءاً.

وحالتكم هي الحالة الثانية. ويتضح لك من الكلام السابق أن الحكم يختلف باختلاف الزمان والمكان والاجتهاد. ومعلوم لكل من جرب الانتخابات. أن المسلمين يحصلون قبيل الانتخابات كلاما معسولا وإذا حصل غير المسلم مراده فإن وعوده تذهب هباءا ويتكرر هذا في كل مكان. فلماذا المسلم لا يعتبر ويتعظ. ثم اعلم أنه حتى لو جازت المشاركة فيها. يشترط أن لا يؤدي ذلك إلى ترك أوامر الله تعالى. فالله أمر ببغض الكفار ومعاداتهم والهجرة من أرضهم وعدم الركون إليهم فإن أدى الدخول في الانتخابات إلى الركون إلى الكفار أو عدم السعي للهجرة والخروج من أرضهم. فعند ذلك لا يجوز. –قال الشيخ  عبد الرحمن بن صالح المحمود ها ما اتفق عليه علماء الدين .

الخطبة الثانية
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

وحدة الأمة الإسلامية فريضة وضرورة

مقومات الوحدة الإسلامية : تقوم الوحدة الإسلامية على أسس متينة ومقومات وطيدة ومن تلك الأسس والمقومات ما يلي :

1– وحدة العقيدة:  فعقيدة المسلمين في الله تعالى وفي جميع أركان الإيمان واحدة، لا اختلاف بينهم في أصول الدين ومبادئه الأساسية، فالمسلمون كلهم يؤمنون بوحدانية الله تعالى، ويؤمنون بالملائكة، وبالكتب، وبالرسل، وباليوم الآخر، وبالقضاء والقدر خيره وشره، قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [سورة البقرة: 285]، وفي حديث جبريل عرف النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بأنه هو: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره )صحيح البخاري: 1 /27 وصحيح مسلم: 1 /28.

وهذه عقيدة المسلمين جميعا في كل العصور والدهور، ومن أنكر منها شيئا فقد خرج من دين الإسلام، قال تعالى: {يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سورة المائدة: 5]،

2– وحدة الشعائر والشرائع : فجميع ما يطبقه المسلمين في عباداتهم من شعائر جملة واحدة لا تختلف، وكذلك ما يحتكمون إليه من الشرائع في شتى جوانب الحياة. قال تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [سورة الشورى: 13]. فقد شرع الله للمسلمين من الدين شعائر يعظمون بها الله تعالى ويتقربون بها إليه سبحانه، وأعظم تلك الشرائع هي أركان الإسلام وهي بعد الشهادتين: الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)

ولعل من أبرز محاسن هذه الشرائع الإسلامية مراعاة الجماعية، فجل الأقضية في الإسلام ليس إلى الأفراد، وإنما خاطب بها الشارع الحكيم الجماعة المسلمة ممثلة في ولاة الأمر ومن ينوبهم، كما في الأمر بجباية الزكاة وإعطائها للمستحقين في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة التوبة: 103]، والأمر بإقامة الحدود في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة المائدة: 38]، وفي قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النور: 2].

3– وحدة المصادر والمراجع : للدين الإسلامي مصادر ومراجع محددة يتلقى منها المسلمون جميعا العقائد والعبادات والأخلاق والشرائع، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [سورة النساء: 59]،

– عباد الله أخرج مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي – صلى الله عليه وسلم: (‌لَا ‌يَذْهَبُ ‌اللَّيْلُ ‌وَالنَّهَارُ ‌حَتَّى ‌تُعْبَدَ ‌اللَّاتُ ‌وَالْعُزَّى”. وقوله صلي الله عليه وسلم: ” ‌لَا ‌تَقُومُ ‌السَّاعَةُ ‌حَتَّى ‌تَلْحَقَ ‌قَبَائِلُ ‌مِنْ ‌أُمَّتِي ‌بِالْمُشْرِكِينَ ، ‌وَحَتَّى ‌تَعْبُدَ ‌قَبَائِلُ ‌مِنْ ‌أُمَّتِي ‌الْأَوْثَانَ” (رواه أحمد )

وهذان الحديثان من الأحاديث التي تدل على رجوع الناس  في آخر الزمان للشرك، وبعض المسلمين من جملة هؤلاء كما هو مُبَيَّنٌ . ونحن نرى القبور والأضرحة التي يَصرف لها فئامٌ من المسلمين عباداتٍ وقرباً لا تصرف إلا لله، وأنواع أخرى من الشرك، ومما يؤيد خطاب هذين الحديثين هو عودة احتفال بعيد الهالوين في المملكة السعودية في هذا الشهر- نوفمبر، هذا العام، وللأسف الشديد أَنْ يُعِيدَ مِثْلُ هَذَا الْعِيدِ الشِّرْكِي في المملكة حيث كان محرما سابقًا. “إنا لله وإنا إليه راجعون” وعيد الهالوين بدأه شعوب “الكلت” (Celtic) في أيرلندا (Ireland) وبريطانيا القديمة فيما يوافق اليوم الأول من نوفمبر، وهو عيد وثني شركي وفيه اعتقاد باطل عن الأموات والأرواح وعن الله رب العالمين، قال تعالي: “ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ” (الحاج: 30)

الدّعاء : اللهم أمنا في أوطاننا وول علينا خيارنا وأيد بالحق أولياء أمورنا, وحقق الأمن والاستقرار في بلادنا, اللهم إنّا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم, اللهم أعز الإسلام والْمسلمين وأصلح أحوال الْمسلمين فى كل مكان, وادفع عنا الفتن والشرور  وأصلح لنا ولاة الأمور, واستجب دعاءنا إنك أنت سَميع الدعاء.

Scroll to Top