Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4

Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4

Deprecated: explode(): Passing null to parameter #2 ($string) of type string is deprecated in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4
اخْتِيَار الْأَصْلَحِ للْقِيادة مسؤولية الجميع


اخْتِيَار الْأَصْلَحِ للْقِيادة مسؤولية الجميع

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الثّالثة لشَهْرِ رجب بتأريخ 19\7\1444هـ-10\2\2023م

حول: اخْتِيَار الْأَصْلَحِ للْقِيادة مسؤولية الجميع

إنَّ الْحَمْدَ للهِ رب العالمين, الْقائِلِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾{الأنفال:8 \27}, ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾{القصص:28\ 26}.نَحْمَدُهُ سُبْحانه وتَعَالَى وَنَشْكُرُهُ وَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِناَ , إِنَّهُ مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ؛ وَاَشْهَدُ أَنْ لاَإِلَهَ إِلاَ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأشْهَدُ أَنَّ محُمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, الْقَائِلَ فِي حَدِيثِهِ الشَّرِيفِ: “إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”. قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:”إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ؛ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”{رواه البخاري} والصلاة والسلام عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين.

أَمَّا بَعْدُ,

فَيا عِبَادَ اللهِ, أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنّها حَلٌّ شَافِعٌ لِجَمِيعِ مُشْكِلاتِ الدُّنْياَ وَالآخِرَةِ؛ طِبْقاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾,{الطلاق:65\2-3} ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ {الطّلاق:65\4}.

إِخْوَةَ الإيمان, هَذَا هُوَ اللِّقَاءُ الثَّالِثُ فِي شَهْرِ رجب وَنَحْنُ فِي انتظار الانْتِخَابَاتِ العامّة وَنَسْتَعِدُّ لَهَا كُلَّ الِاسْتِعْدَادِ لَيْلاً وَنَهَاراً وَقد قَرُبّتِ الْخُطْوَةُ الْأُولَى وبقيت الأُسْبُوعَيْنِ الْقادِمَيْنِ وَهِيَ الانْتِخَابُ الرِّئَاسِي وَمَجْلس الشُّيُوخِ وَالنُّوَّاب الْوَطَنِي. وَإِنَّ مَوْضُوعَ خُطْبَتِنَا الْيَوْمَ-إنْ شَاءَ اللهُ الْمَولَى الْقَدِيرُ-يَدُورُ حَوْلَ اخْتِيَارِ الأَصْلَحِ لِلْقِيادَةِ مَسْؤولِية الْجَمِيعِ.

الأَصْلُ فِي الِانْتِخَابَاتِ فِي الشّرِيعَةِ الإِسْلامِيَّةِ الْمُشَارَكَة لا الْمُقَاطَعَة:

إِخْوَةَ الدِّين, قَدْ بَيَنَّا فِي خُطَبِنَا الْمِنْبَرِيَّةِ الْمَاضِيَّة نَظَرَ الإِسْلاَمِ فِي الانْتِخَابَاتِ أَنَّها:

1- شَهَادَة وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾{الطّلاق:65\2},  ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾{البقرة:2\283}.

2-وَأنَّهَا تَزْكِيَّة: من الناخب للمرشح والتزكية في باب القضاء هي تعديل الشهود عند القاضي وقد قرر الفقهاء أن شهود التزكية يتفقون مع شهود الدعوى في أمور منها أنه يشترط في كل منهما العقل الكامل والضبط والولاية والعدالة والبصر والنطق وألا يكون الشاهد محدودا في قذف وعدم القرابة المانعة من قبول الشهادة وألا تجر الشهادة على الشاهد نفعا. قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):”مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئاً، فأمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَداً محاباة، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، لا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفاً، وَلَا عَدْلاً، حَتَّى يُدْخِلَهُ جَهَنَّمَ”[رواه الحاكم في المستدرك وقال(4/104).

3-والتّوكيل:﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾{القصص:28\ 26}

4-والأمانة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾{الأنفال:8 \27} “إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”. قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:”إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ؛ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”{رواه البخاري}.

وَاجِبُ الْمُسْلِمِ:

فمن  واجب المسلم الذي يعيش في أي مجتمع  أن  يساهم  إيجابيا  في  حل  قضايا  هذا  المجتمع  ، بحسب  وجهة  نظره  الإسلامية  ، وبالتالي فإذا أتيح  له  أن  يشارك  في   انتخاب  النواب الذين ينوبون عن  الأمة  في السائل  التشريعية  أو  في  اختيار  الحكومة  ، وفي  إعطاء  الثقة  لها ، أو  نزعها  منها  ، وفي  درء  المفاسد  عن  الأمة  ، وغير  هذا  من  المصالح  المترتبة  على  دخول النواب  في  مجلس  الشعب ؛ فإذا أتيح  للمسلم  أن  يشارك  في  انتخاب  هؤلاء  النواب  ؛  فإن وجهة  النظر  الشرعية  أنها فرصة  لا  يجوز  للمسلم  أن  يضيعها  ، إذ لابد  أن  يكون  له  دور  في  إزالة  بعض  المنكرات  ، أو  إشاعة  بعض  أنواع  المعروف  ، أو  دفع الظلم  عموما  عن  الناس  ومنهم  المسلمين  ، أو  في  إبعاد  الفساد  عن  الدولة ، ذلك  الفساد  بجميع  أشكاله  الذي  يضر  الناس  جميعا  ،  ومنهم  بالطبع  المسلمون.

الْمُشَارَكَةُ  فِي  الِانْتِخَابَاتِ نَوْعًا  مِنَ الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ:

ومن  ثم كانت  المشاركة  في  الانتخابات  ترشيحا  ، وإدلاء بالصوت  ، نوعا  من الجهاد  الأكبر؛ لأن  فيها  جهدا  كبيرا يبذل  لخدمة  الإسلام  و الوطن  والمسلمين،  وسائر  الناس  أجمعين، وفيها   كذلك  لأنها  فريض  الوقت  ، فقضية الإسلام  اليوم  هي انحراف  كثير من  الحكومات  عن  دين  الله    تعالى  وعن  شريعة  الحق   وشيوع  الفساد  في  كثير من الجوانب  ومناحي  الحياة  على  أيدي  رجالات  الدولة  ،  والجهاد  الأكبر  هو  في  إصلاحهم  أو  استبدالهم  . ولاشك  أن  المشاركة  في  الانتخابات  هي  الوسيلة  المعاصرة  الآمنة  لذلك  ، وهي التي  تدخل  في  حدود  الاستطاعة.

وَالْمُتَخَلِّفُ عَنْ هَذَا الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إِثْمُهُ:

أما  الذي  لا يشارك  في  عملية  الانتخابات، فإنه  يفوته القيام  بهذا  الواجب، وإن  كان يقوم بواجبات  أخرى،  لكنها ليست  بديلا فيما  نرى  عن  المشاركة  في  الانتخابات، وأي  أنشطة  أخرى لا تزيل عن المتخلف  إثم  التخلف عن  هذه المشاركة.

فالقائم  بهذا  الأمر  له أجره، والمتخلف عن هذا  الواجب عليه  إثمه: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾{البقرة:2\283} .

مَنْ نُرَشِّحُ؟ :

نُرشِّحُ  مَنْ  نَرْضَى  دِينَهُ   وأمانَتَه  وقوته  ، فأكثر  المرشحين استقامة  أولاهم بأصواتنا  ، فإن  كانت قائمة  المرشحين  خلوا  من ذلك –وهذا كثير في  زماننا  هذا – فإننا  نُرَشِّحُ أقلَّهُمْ  فَسَاداً   ، وربما قال  المحدثون عن  الحديث  : هو  أصح  ما  في  الباب ،  وإن  كان ضعيفا  ساقطا؛ لأن غيره أوهى  منه .  – من رشح  أحد ا وهو  يعلم أن  غيره  أولى  منه لدينه  ، أو لأنه أمثل  المفسدين  طريقة  فقد  خان  الله ورسوله  والمؤمنين والله  يقول : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾{الأنفال:8 \27}  وقال عليه  الصَّلاةُ  وَالسَّلامُ (( مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً  مِنْ عِصَابَةٍ  وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ  أَرْضَى للهِ  مِنْهُ  ، فَقَدْ خَانَ  اللهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ  ))  الحاكم

إذا  ترشح  للرئاسة  كافران  فِي بَلَدٍ  لَا  يَدِينُ  أَهْلُهَا  بِدِينِ  الْإسْلَامِ وَهَكَذَا فِي بَلَدٍ يَدِينُ أَهْلُهَا بِدِينِ الإسْلامِ:

إذا  ترشح  للرئاسة  كافران  في بلد يَدِينُ أوْ لا  يدين  أهلها  بدين  الإسلام  ،  وكان  أحدهما حربا  على  الإسلام وأهله  والثاني  أهون منه  شأنا، فإنه  يتعين ترشيحه؛ دفعا  لأعلى  المفسدتين  بأدناهما.

والله  تعالى قد  أقر فرح الصحابة  بانتصار النصارى  على  الفرس  لأن  النصارى أقرب  إلينا  منهم: ﴿الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) ﴾ {الرّوم:30\1-5} فكيف بالسعي  بالتخفيف  على  المسلمين  في  بلد  لا يدان  فيها بدينهم بترشيح  خير  الكافرين  وتفويت  الفرصة  على  شر  الهالكين؟

ضَرُورَةُ التَّضَرُّعُ إِلَى اللهِ تَعَالَى حَتَّى تَكُونَ الانْتِخَاباتُ الْقَادِمَةُ حُرَّةً نَزِيهَةً نَاجِحَةً وَآمِنَةً:

عِبَادَ اللهِ, نَحْنُ فِي مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَى التَّضَرُّعِ إِلَى اللهِ تَعَالَى حَتَّى تَكُونَ الانْتِخَاباتُ الْقادِمَةُ حُرَّةً نَزِيهَةً نَاجِحَةً وَآمِنَةً. وَاللهُ جَلَّ وَعَلَا يبتلي عباده ليستغيثوا به ويتضرعوا به ، قال تعالى ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ  يَتَضَرَّعُونَ﴾{الأنعام:6\42} وقال﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ  ﴾{الأعراف:7\94}، وهذا من النعم في طيّ البلاء، والافتقار إلى الله هو عين الغنى ولب العبادة ومقصودها الأعظم ، والتذلل له سبحانه هو العز الذي لا يجارى ، والله يحب أن يسأله العباد جميع حاجاتهم حتى الطعام والشراب كما في الحديث القدسي: ” يا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أَطْعَمكُمْ “ (رواه مسلم).

تضرع نوح عليه السَّلام إلى ربه فأُغرق أهل الأرض بالطوفان ، وتضرع موسى عليه السلام فأنقذه الله من الطاغية فرعون وأغرقه في البحر ، به نجى الله صالحًا وأهلك ثمود ، وأذل عاداً وأظهر هود ، وأعز محمداً صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قيل له ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾  {آل عمران:3\173-174} رواه البخاري. فلماذا نحن غافلون عن هذا الدعاء العظيم ؟!!.  

الْخُطْبَةُ الثَّانِيّة:

إِنّ الْحَمْدَ للهِ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الْقَائلِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ {الجمعة:62\8}. نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى وَنَشْكُرُهُ عَلَى نِعَمِهِ عَلَيْنَا الْجَزِيلَة الَّتِى لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى؛ وَنُصَلِّي وَنُسَلِّمْ عَلَى أَفْضَلِ خَلْقِ اللهِ قَاطِبَةً سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَكُلِّ مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين.

أَمَّا بَعْدُ,

فَعِبَادَ اللهِ, قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بِمَنْكِبِي فقال : “كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ” وكان ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ : “إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ

 {رواه البخاري} .

إخوة الإيمان, إنّا لله وإنّا إليه الرّاجعون ,ومن الأسف الشّديد في الوقت الراهن هو زلزال هائل مدمر يقتل أكثر من 20،000 شخص في تركيا وسوريا يوم 6/فبراير/ 2023 والسكان نائمون. وقال الرئيس التركي أردوغان إن هذه أكبر كارثة تشهدها البلاد منذ عام 1939، مضيفا أن 2824 مبنى انهار نتيجة لذلك. وأفادت تقارير بأن زلزالا ثانيا ضرب جنوب شرق البلاد في المنطقة نفسها التي ضربها الزلزال الأول. وفي سوريا، قالت وسائل إعلام رسمية إن الزلزال أسفر عن مقتل 3577 شخصا على الأقل عبر الحدود في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا التي مزقتها الحرب.

عباد الله، الزلزال آية من آيات الله تعالى ليرحم به موتى المؤمنين فالمصائب كفارة للذنوب، وعقاب للعصاة والمذنبين، وتذكرة للأحياء من المؤمنين. (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا) الإسراء 17-59. وقال تعالى: (فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ، فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) الأنعام 643-44.

ما الواجب على المسلمين في مثل هذه الكوارث؟

1-  المسارعة إلى التوبة والرجوع إلى الله تعالى بالتمسك بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

2- الدعاء لله تعالى أن يحفظ الأحياء منهم، ويرحم الموتى، ويعافي المصابين منهم.

3- الاستعداد ليوم القيامة فإذا مات المرء قامت قيامته. أخي الفاضل سل نفسك، إذا مت الآن فهل معك ما ينفعك لدخول الجنة في الآخرة؟ ولما جاء رجل يسأل رسول الله ﷺ عن الساعة، قال له الرسول ﷺ: وماذا أعددت لها؟

4- التبرع من صدقات أموالك، والزكاة لهؤلا المنكوبين على قدر استطاعتك فمهما جمعنا أموال العالم صعب أن تكفي ما نراه على شاشات التلفاز يوميا من إنقاذ الموتى والمصابين على السواء. يمكن دفع تبرعاتك من خلال هذا الحساب: (Human Concern Foundation International: 1012578198 Zenith Bank PLC)

الدّعاء: اللهم اغفر وارحم موتى هذه الكارثة من المسلمين واجعل قبورهم روضة من رياض الجنّة ولا تجعلها حفرة من حفر النار وأدخلهم فسيح جناتك مع الذين أنعمت عليهم من النّبيّين والصّدّقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيقا. واشف مرضاهم شفاءً عاجلا لا يغادر سقما.

 اللّهُمَّ اجْعَلْ لِكُلِّ مَنْ يَمُرُّ بِضِيقٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَرَجاً, وَلِكُلِّ مَظْلُومٍ مَخْرَجَ, وَلِكُلِّ مَهْمُومٍ رَاحَةً, وَلِكُلِّ حَزِينٍ سَعَادَةً, وَلِكُلِّ دَاعٍ بِخَيْرٍ إِجَابَةً, وَلِكُلِّ مَرِيضٍ شِفَاءَ, يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ, يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الْإِخْلاَصَ فِي الدَّعْوَاتِ وَالْقَبُولَ فِي الطَّاعَاتِ, وَالشُّكْرَ عِنْدَ الْخَيْرَاتِ, وَالْخُشُوعَ فِي الصَّلَوَاتِ, وَالْعَفْوَ عِنْدَ الْعَثَرَاتِ, وَالصَّفْحَ عِنْدَ الزَّلَاتِ, وَالصَّبْرَ عِنْدَ الْأَزَمَاتِ, وَالنَّصْرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ, وَالْغَلَبَةَ عَلَى الصِّعَابِ, وَالْحَمْدَ عِنْدَ الْبَرَكَاتِ, وَالتَّدَبُّرَ عِنْدَ الْآيَاتِ, وَقَضَاءَ الْحَاجَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ, يَا حَيُّ ياَ قَيُّومُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وصَلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم والتّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدّين. سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.

Scroll to Top