Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4

Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4

Deprecated: explode(): Passing null to parameter #2 ($string) of type string is deprecated in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4
التبكير بالزواج خطبة


التبكير بالزواج خطبة

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الخامسة لشهر صفر بتأريخ 30 /2/ 1445ه (15/9/ 2023م)

الموضوع: التبكير بالزواج: سلامة للفرد والمجتمع

الخطبة الأولى

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله مِن شرورِ أنفُسنا ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يَهْدِهِ الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ألا فاتقوا الله فيما أمر ونهى فإن بتقواه الفوز بالنعيم والنجاة من الجحيم, طِبْقاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: “يَا أَيُّهَا الّذينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ” [آل عمران:3/102].

إِخْوَةَ الإِيمان, إِنَّ مَوْضُوعَ خُطْبَتِنَا الْيومَ يَدُورُ حَوْلَ: التبكير بالزواج: سلامة للفرد والمجتمع.  وإن مما أمر الله تعالى به التبكير بالزواج لما فيه من تحصين الفروج وتطهير المجتمع من الفواحش. ولذلك أمر الله تعالى كل من يهمه الأمر أن ييسر طريق الزواج: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [سورة النور:24/٣٢]  ووجه الرسول الكريم-عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- الشباب إلى هذا الخير بِقَولِهِ: “يَا مَعشَرَ الشَّبَابِ: مَنِ استَطَاعَ مِنكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلبَصَرِ وَأَحصَنُ لِلفَرجِ”، رواه البخاري ومسلم.

وَإِذَا كَانَ الزَّوَاجُ المُبَكِّرُ يُسَاعِدُ عَلَى تَحقِيقِ غَضِّ الأَبصَارِ وَتَحصِينِ الفُرُوجِ، وَتَطهِيرِ المُجتَمَعِ مِنَ الفَوَاحِشِ وَوِقَايَتِهِ مِنَ الزِّنَا، وَتَكثِيرِ سَوَادِ الأُمَّةِ وَتَقوِيَةِ شَأنِهَا، فَإِنَّ تَأخِيرَهُ قَد يُفَوِّتُ كُلَّ هَذِهِ المصَالِحِ وَيُعَطِّلُهَا، فَقَد يَقَعُ الشَبَابُ في الفَاحِشَةِ، خَاصَّةً في هَذِهِ الأَزمِنَةِ الَّتي كَثُرَت فِيهَا دَوَاعِيهَا وَتَيَسَّرَت أَسبَابُهَا.

أَلا فَلنَتَّقِ اللهَ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ-، وَلنَحرِصْ عَلَى تَسهِيلِ الزَّوَاجِ وَالتَّبكِيرِ بِهِ؛ فَإِنَّهُ أَحفَظُ لأَخلاقِ الشَّبَابِ وَأَدعَى إِلى شُعُورِهِم بِالمسؤُولِيَّةِ، وَهُوَ أَفضَلُ لِصِحَّةِ الزَّوجَينِ عَامَّةً وَلِلزَّوجَةِ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ، وَلا يَغتَرَّنَّ أَحَدٌ بمَا يُقَالُ مِن أَنَّ الزَّوَاجَ المبَكِّرَ يَشغَلُ عَنِ التَّحصِيلِ العِلمِيِّ أَو يُلهِي عَنِ الدِّرَاسَةِ؛ فَإِنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي دَلَّ عَلَيهِ الوَاقِعُ أَنَّ الزَّوَاجَ مَدعَاةٌ إلى سُكُونِ النَّفسِ وَطُمَأنِينَةِ القَلبِ وَرَاحَةِ الضَّمِيرِ وَقُرَّةِ العَينِ، وَبِهِ صَفَاءُ الذِّهنِ وَنَقَاءُ الفِكرِ وَالسَّلامَةُ مِنَ القَلَقِ، وَهِيَ الأُمُورُ الَّتي تُسَاعِدُ عَلَى زِيَادَةِ التَّحصِيلِ.

وَلْنَحذَرْ مِمَّا يُقَالُ مِن أَنَّ الزَّوَاجَ المبَكِّرَ يُحَمِّلُ الشَّابَ مَؤُونَةَ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوجَةِ وَعَلَى الأَولادِ؛ فَإِنَّ هَذَا مِن ضَعفِ اليَقِينِ

وَالثِّقَةِ بِالخَالِقِ الرَّزَّاقِ ذِي القُوَّةِ المتينِ، بَل إِنَّ الزَّوَاجَ مَجلَبَةٌ لِلرِّزقِ مَدعَاةٌ لِلبَرَكَةِ؛ إِذ هُوَ طَاعَةٌ للهِ وَرَسُولِهِ، وَالطَّاعَةُ كُلُّهَا خَيرٌ وَبَرَكَةٌ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث حق على الله عونهم…وذكر منهم: الناكح الذي يريد العفاف..) رواه الترمذي وحسنه.

هكذا دعا الإسلام إلى الزواج واستجاب المسلمون الأوائل لهذه الدعوة، فيسروا وسهلوا، وكانت أمور الزواج عندهم من أسهل ما يكون، ولكن الناس بعد ذلك، وفي عصرنا خاصة، عسروا ما يسر الله، وضيقوا ما وسع الله، شددوا على أنفسهم ولم يشدد الله عليهم، حتى رأينا العزوبة عند الشبان، والعنوسة عند الفتيات، نرى شابا بلغ الثلاثين من عمره ولم يتزوج، ونرى فتاة بلغت الثلاثين ولم تتزوج، ولعلها لا تتزوج بعد ذلك، حينما يقول الناس: فاتها القطار.

لماذا هذا كله؟ المشكلة-والله- نحن الذين خلقناها. والمشكلة جاءت لعقبات وضعناها في سبيل الزواج- عقبات سببها ابتِعَادُ النَّاسِ عَنِ الآدَابِ الشَّرعِيَّةِ وَتَركُ السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ، وَالاشتِغَالُ بِالأُمُورِ الجَانِبِيَّةِ الهَامِشِيَّةِ، ممَّا لا عِلاقَةَ لَهَا بنجاح النكاح مِن قَرِيبٍ وَلا بَعِيدٍ، بَل قَد تَكُونُ هِيَ سَبَبَ فَشَلِهِ؛ مِن المغَالاةِ في المهور ومؤن زواج تطالب بها الأزواج والمغالات في الملابِسِ وَالحُلِيِّ، وَالإِسرَافِ في الوَلائِمِ وَالأَطعِمَةِ، وَالتَّفَاخُرِ في الدَّعَوَاتِ وَالمحَافِلِ، والرياء الاجتماعي الزائف.

أَلا فَرَحِمَ اللهُ امرَأً بَكَّرَ بِالزَّوَاجِ وَعَمِلَ فِيهِ بِالسُّنَّةِ، فَأَحسَنَ الاختِيَارَ وَيَسَّرَ، وَتَوَاضَعَ وَلم يَتَكَبَّرْ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: “إِذَا أَتَاكُم مَن تَرضَونَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلاَّ تَفعَلُوا تَكُنْ فِتنَةٌ في الأَرضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ”، وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: “الدُّنيَا مَتَاعٌ، وَخَيرُ مَتَاعِهَا المَرأَةُ الصَّالِحَةُ”، وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: “تُنكَحُ المَرأَةُ لأَربَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظفَرْ بِذَاتِ الدَّينِ تَرِبَت يَدَاكَ”، وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: “إِنَّ مِن يُمنِ المَرأَةِ تَيسِيرَ خِطبَتِهَا وَتَيسِيرَ صَدَاقِهَا وَتَيسِيرَ رَحِمِهَا”.

ثم هناك بعض الفتيان يتأخر زواجه لأنه يضع في حلمه مثالا لامرأة مثالية يريدها زوجة له موصوفة بكل جمال وكمال، وهذا لا يوجد في الحياة. وقلما نجد في الحياة الكمال المطلق، فامرأة عندها الجمال، وأخرى عندها المال، وأخرى عندها النسب. أما أن يوجد عندها كل شيئ، فقلما يجتمع فيها هذا، وهكذا الأمر عند الرجال، فلا داعي لهذه الخيالات والمبالغات.

عباد الله، إن مسؤولية تزويج الأيامى علينا- نحن المسلمين- جميعا: مسؤولية الآباء والأمهات، وأولي الأمر من الأقارب، ثم الجماعة المسلمة وولاة أمور الناس في البلد. فإن مؤن زواج الأيامى من فقراء المسلمين مما يوفره بيت مال المسلمين. وهذا ما يفعله بعض الولاة في شمال نيجيريا من إقامة الزواج الجماهيري للعزاب وتوفير تكاليفه استجابة لما أمر الله تعالى في كتابه العزيز:“وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” (النور:24/ ٣٢). والمسؤولية كذلك للأيامى أنفسهم، وذلك بأن يعيدوا النظر في اعتباراتهم وأحلامهم، وأن يكونوا واقعيين، ويغلبوا اعتبارات دينية، وأخلاقية على غيرها. فالخير كل الخير في الدين، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى، إنه سميع قريب مجيب.

الخطبة الثانية

الحَمْدُ لِلَّهِ، ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ رَبُّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ. صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَادِرٌ عَلَى إِهْلاكِ خَلْقِهِ في لَمْحِ البَصَرِ، وَلَكِنَّهُ يَعْفُو وَيَرْحَمُ، وَيُمْهِلُ ويُمْلِي، وَيُنْذِرُ ويَعْذِرُ، وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ فِي المُشْرِكِينَ: ﴿وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 95]، وقال تَعَالَى في المُنافِقِينَ: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾  [الْبَقَرَةِ: 20]

عباد الله، في هذا العام وقع زلزال في تركيا وسوريا وتجاوز عدد القتلى 50 ألفا، وفي يوم الجمعة الماضية أيضا وَقَعَ زِلْزَالٌ عظيم؛ ضرب دولة المغرب، فأسقط مبانيها، وشق أراضيها، وأهلك بشرا –آلافا- لا يعلم عدتهم إلا الله تعالى، عدا من هم تحت الأنقاض والبنايات، وشُرد خلق كثير من جرائه. فَسُبْحَانَ مَنْ قَدَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَسُبْحَانَ مَنْ خَوَّفَ عِبَادَهُ وَأَنْذَرَهُمْ بِالنُّذُرِ وَالْآيَاتِ ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: 59].

ثم بعد هذا الحدث المبكي أصيب بلاد ليبيا بإعصارٍ مُدَمِّرٍ يوم الاثنين هذا الأسبوع  الذي انهار سدّين وتدفّقت المياه إلى الأماكن التي غمرتها المياه بالفعل. وقتل الآلاف ولا يزال آلاف آخرون في عداد المفقودين جراء السيول! لاحول ولا قوة إلا بالله!!!

عباد الله، إنَّ كَثْرَةَ الزَّلازِلِ والقتل دَلِيلٌ عَلَى قُرْبِ السَّاعَةِ؛ كَمَا في حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَا ‌تَقُومُ ‌السَّاعَةُ ‌حَتَّى ‌يُقْبَضَ ‌العِلْمُ، ‌وَتَكْثُرَ ‌الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ – وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ – حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ » رَوَاهُ الْشَّيخَانِ

وكل هذه وقعت -ولا تزال تقع- رأي العين في مشارق الأرض ومغاربها، وهي تزداد كل يوم، والمهتمون بشأن الزلازل والأعاصير يذكرون في إحصاءاتهم لها أنها في ازدياد، وأن وقوعها في القرن الأخير أكثر من وقوعها فيما سبقه من القرون.

وَالزَّلازِلُ وَالأَعَاصِيرُ يَنْتُجُ عَنْهَا هَلاكُ البَشَرِ، وتَدْمِيرُ المَنَازِلِ وَالمُدُنِ، وتَغْيِيرُ مُسْتَوَى الأَرْضِ، وَقَدْ تَشْتَعِلُ الحَرَائِقُ مِنْ جَرَّائِهَا، وَمَنْ نَجَا مِنَ الهَلَاكِ فَهُوَ مُعَرَّضٌ لِلْإِصَابَةِ بِأَزمَاتٍ نَفْسِيَّةٍ حَادَّةٍ؛ نَتِيجَةَ الهَلَعِ وَالخَوْفِ، وَرُؤْيَةِ الدَّمَارِ وَالمَوْتِ أَمَامَ عَيْنَيْهِ، وَلا سِيَّمَا الأَطْفَالَ وَالنِّسَاءَ. وَإِنَّ مِنْ ضَعْفِ الإِنْسَانِ –وَكُلُّهُ ضَعْفٌ- أَنَّ الحَيَوَانَ وَالطَّيْرَ تَحُسُّ بِالزَّلازِلِ وَالأَعَاصِيرِ قُبَيْلَ وُقُوعِهَا، فَتَفِرُّ عَنْ أَرْضِهَا، وَالمَحْبُوسَةُ مِنْهَا تَضْطَرِبُ فِي أَقْفَاصِهَا، وَالبَشَرُ لَا يَشْعُرُونَ بِهَا حَتَّى تَبْغَتَهُمْ؛ فَسُبْحَانَ مَنْ عَلَّمَ العَجْمَاوَاتِ الَّتِي لَا تَعْقِلُ! وَمَا أَضْعَفَ الإِنْسَانَ وَأَعْجَزَهُ وَقَدْ شيَّدَ العُمْرَانَ، وَابْتَنَى المدُنَ، وَصَعِدَ إِلَى الفَضَاءِ، وَغَاصَ فِي أَعْمَاقِ المحِيطَاتِ، وَاكْتَشَفَ الذَّرَّةَ، وَصَنَعَ الطَّائِرَةَ، وَبَطَشَ فِي الأَرْضِ بَطْشَ الجَبَّارِينَ! مَا أَعْجَزَهُ أَمَامَ جُنْدِ اللَّـهِ تَعَالَى ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ﴾ [الْمُدَّثِّر: 31]

وَأَشَدُّ ما يَكُونُ الزِّلْزَالُ حِينَ يَقَعُ والنَّاسُ نِيَامٌ آمِنُونَ غَافِلُونَ، فَيَبْغَتُهُمْ وَهُمْ لَا يَشْعُرونَ، فَمَنْ نَجَا جَسَدُهُ لَمْ يَسْلَمْ عَقْلُهُ مِنَ الصَّدْمَةِ وَالمفَاجَأَةِ. وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِالْتِزَامِ دِينِهِ، وَإِقَامَةِ شَرِيعَتِهِ، وَالِانْتِهَاءِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بِهِمُ العَذَابُ وَالدَّمَارُ وَهُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾  [الزُّمَرِ: 55]

إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى البَشَرِ وَلَوْ تَحَصَّنُوا بِحُصُونِهِمْ، وَاحْتَاطُوا لِكُلِّ حَدَثٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ، وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّـهِ تَعَالَى شَيْئًا، وَعَذَابُ اللَّـهِ تَعَالَى يَنْزِلُ فِي لَمْحِ البَصَرِ، فَلَا يَرُدُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ، وَلَا حَذَرُ حَذِرٍ، فَيَنْتَهِي كُلُّ شَيْءٍ؛ تَذْهَبُ النِّعَمُ الَّتِي رَتَعَ النَّاسُ فِيهَا طَوِيلًا، وَيُصَابُونَ فِي أَعَزِّ مَا لَدَيْهِمْ مِنْ أَهْلٍ وَوَلَدٍ وَمَالٍ.

وَكَمْ مِنْ أَغْنِيَاءَ أُصِيبُوا بِإِعْصَارٍ أَوْ زِلْزَالٍ ذَهَبَ بِأَمْوَالِهِمْ فَاسْتَجْدَوْا مَنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ يُنْفِقُونَ عَلَيْهِمْ! نَعُوذُ بِاللَّـهِ تَعَالَى مِنَ الْفَوَاجِعِ، وَنَسْأَلُهُ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ وَالمعَافَاةَ الدَّائِمَةَ في الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. فَخُذُوا حِذْرَكُمْ -عِبَادَ اللَّـهِ- وَاعْتَبِرُوا بِمَا حَلَّ بِغَيْرِكُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكُمْ؛ فَإِنَّ رَبَّكُمْ قَادِرٌ عَلَيْكُمْ، غَيُورٌ عَلَى مَحَارِمِهِ أَنْ تُنْتَهَكَ فِيكُمْ، يُمْهِلُ وَلا يُهْمِلُ، وَيُمْلِي وَلا يَنْسَى. ﴿قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾  [الْأَنْعَامِ: 65].

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ.

الدّعاء: اللهم أمنا في أوطاننا وول علينا خيارنا وأيد بالحق أولياء أمورنا, وحقق الأمن والاستقرار في بلادنا, اللهم إنّا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم, اللهم أعز الإسلام والْمسلمين وأصلح أحوال الْمسلمين فى كل مكان.  اللهم أمنّا فى الأوطان والدور وادفع عنا الفتن والشرور وأصلح لنا ولاة الأمور, واستجب دعاءنا إنك أنت سَميع الدعاء. وصلى الله على النبي وعلى آله وصحبه وسلّم.

Scroll to Top