Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4

Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4

Deprecated: explode(): Passing null to parameter #2 ($string) of type string is deprecated in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4
فضل الإكثار من ذكر الله وشكره


فضل الإكثار من ذكر الله وشكره

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخُطبَةُ الثّانية لشهر رجب  بِتَأرِيخ 12\7\1444هـ-3\1\2023م

فضل الإكثار من ذكر الله وشكره

__________________________________________________

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلّغ الرّسالة وأدّى الأمانة ونصح للأمّة وكشف الله به الغمّة وجاهد في سبيل ربّه حقّ جهاده حتّى أتاه اليقين. فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار فالعياذ بالله.

أما بعد :

اتّقوا الله فيا عباد الله, اتّقوا الله سبحانه وتعالى عَمَلاً بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾، [آل عمران:3/102]﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾[النساء:4/1] ”﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب:33/70-71].

واعلموا أنّ للأبدان غذاء كما للأوراح غذاء لا تسعد إلاّ به.فغذاء الأبدان الطّعام والشّراب وغذاء الأرواح الإيمان والعمل الصّالح،ومن العمل الصّالح ذكر الله تعالى؛ فهو غذاء للأرواح وطمأنينة القلوب.قال سبحانه : ﴿الّذينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللِه أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ (الرّعد:28) وكما أنّ القلوب تصدأ  كما يصدأ الحديد وجلائها ذكر الله. ومثّل النّبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) الّذي يذكر ربّه والّذي لا يذكر يذكره بالحيّ والميّت، لأنّ حياة القلوب بذكر الله .قال(صلّى): “مثل الّذي يذكر ربّه والّذي لا يذكر ربّه، مثل الحيّ والميّت” ولهذا يدور موضوع خطبتنا اليوم حول؛                                   

فضل الإكثار من ذكر الله وشكره                                                          

أيّهاالإخوة الكرام،اعلموا أنّ الله تعالى أمر بذكره و شكره مع الاعتراف بآلائه : ﴿…فاذكروني أذكركم واشكروا ولا تكفرون (البقرة:152) فأمر به في جميع المناسبات وفق عادة رسوله السّيّد الأوّل للذّاكرين والشّاكرين الّذي كان يذكر الله في جميع أحواله سواء أكان في العبادة أو خارجها،مثلما أمر عقب الصّلاة لقوله تعالى: ﴿فِإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ،فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الـمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (النّساء:103) كما حثّ عليه عقب أداء فريضة الحجّ حيث يقول (سبحانه وتعالى): ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا… (البقرة:200) وفي فريضة الصّيام:﴿…ولتكملوا العدّة ولتكبّروا الله على ما هداكم ولعلّكم تشكرون                                                                                

أيها الإخوة الأعزاء ! كيف نغفل عن ذكر ربّنا وذكر الله عبادة يسيرة يستطيعها كلّ من يستطيع تحريك لسانه؛وإن كان مريضا طريح الفراش.عبادة يستطيعها الغنيّ والفقير؛لأنّها لا تحتاج إلى تملّك مال مهما قلّ لأجل أدائها.وهي عبادة لا تحتاج إلى تفرّغ وتخصيص وقت خاص لها،وإن كان التّفرّغ لها أفضل وأعظم تأثيرا في القلب وأدعى للتّفكّر في معانيها،ولكن يمكنك أن تذكر الله قائما وقائدا وعلى جنب،وربما أثناء تأدية وظيفتك أو عملك،وأثناء مشيك في الطّريق وفي سيارتك وفي كلّ أحوالك في كلّ زمان ومكان ما عدا الأماكن النجسة؛لأنه لا يجوز ذكر الله فيها.  

ولأنّنا محتاجون إلى الإكثار من ذكر الله تعالى لم يأمرنا بمجرّد ذكره،بل أمرنا بالإكثار منه لقوله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (الأحزاب: 41) مع الوعد للمكثرين من ذكره بالمغفرة والأجر العظيم،فقال تعالى : ﴿…وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهّ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (الأحزاب:35) مع كونهم المفرّدون السّابقون.قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) : “سبق المفرّدون…قالوا : وما المفرّدون يارسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذّاكرات” (مسلم)

إخوة الإيمان ! إنّ من أعظم ما ورد في الحثّ على ذكر الله قوله (صلّى الله عليه وسلّم) :”ألا أنبّئكم بخير أعمالكم،وأزكاها عند مليككم،وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذّهب والورق،وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم،فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟قالوا : بلى،قال :ذكر الله تعالى.” قال معاذ بن جبل : ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله” (رواه الترمذي وصححه الألباني) وكما أنّ من يغفل عنه تتسلّط عليه الشّيطان وتعبث به كيف يشاء :”ومن يعش عن ذكر الرّحمان نقيّض له شيطانا فهو له قرين” (الزخرف:36).                                  

فمن الأجدر بالذّكر هو كون الذّكر عبادة كسائر العبادات كالشّكر والخوف والنّذر والذّبح وغيرها؛ فلا بدّ له من الشّروط، على رأسها الإخلاص والمتابعة حتّى لا يكون عملا جزافا و هباء منثورا.لقوله تعالى : ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِكَاءَ رَبِّهِ فَلِيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحْدًا (الكهف:110) ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ (البيّنة:5) وعن المتابعة فيه قوله تعالى : ﴿فَمَا آتَكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ (الحشر:7) وقوله تعالى : ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فـِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لـِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا (الأحزاب:21) فكلّ هذه من النّصوص الشّرعيّة تدلّ على الاتّباع في الذّكر، والاتّباع بنفسه في الذّكر  دليل على ذكر الله.

إخوة المستمعون الكرام! ليس من الذّكر الشّرعي في شيء ممّا أحدثها النّاس اليوم في حقل الذّكر بدعوى القرب والاتّصال بالله من بعض المسلمين رجالا ونساء إلى حدّ الجذب وفعلات المجانين إلى تحرّكات عجيبة يزعم بها المجذوب أنّه يرى العوالم العلويّة، فيغيب بها ويندهش عند مشاهداتها عن نفسه وعن كلّ من حوله. ومن أشنع من ذلك تجرّد النّسوة بذلك بين حظيرة الرّجال الأجانب؛ ما ليس لها مثال سابق في سلفنا الذّاكرين السّابقين الأوّلين.                                               

فالكشف والرؤيا والإلهام من حصالات الدّوام في الذّكر من نعم الله لعباده الّتي لا تتعاطى بها إلى حدّ ارتكاب ومقارفة المعاصي،وما كان الرّسول (صلّى الله عليه وسلّم) بنعمة ربّه بمجنون. وقد روي عنه (صلّى) قال :“أكثروا من ذكر الله حتّى يقولوا : مجنون” (أخرجه ابن حبان، وابن السّني في عمل اليوم والليلة وابن عديّ 3/980،والبيهقي في الشعب-526) .                                        

فليس في معنى القول أن يتظاهر الإنسان بذكره تلقاءيا  كالمجنون، بل المدلول في الحديث بيان لما يقوله المنافقون للمسلمين الذّاكرين كثيرا ،ويؤيّد ذلك حديث ابن عبّاس:”اذكروا الله ذكرا يقول المنافقون: “إنّكم مراؤون”(الطّبراني). نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذّاكرين له كثيرا،الّذين أعدّ لهم مغفرة وأجرا عظيما.وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.           

الخطبة الثّانية

الحمد لله حقّ حمده،الحمد لله الّذي بحمده يبلغ ذو القصد تمام قصده وهو الّذي بلّغنا شهر رجب فنسأله تعالى أن يبلّغنا شعبان ورمضان.نحمده تعالى على تفضّله وإنعامه،ولطفه وإحسانه.ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ونشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله،صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.

أمّا بعد؛

فمن المعروف – عباد الله-أنّ الله تعالى بحكمته فضّل بَعْضَ الأيّامِ وَالشّهُورِ عَلَى بَعْض كما فضّل بعض الأمكنة على بعض، فشَهْر رَمَضَانَ خِيرَة الله مِنْ شُهُورِ الْعَامِ، وَلَيْلَةَ الْقَدْرِ خِيرَتُهُ مِنَ اللّيَالِيِ، ومن هذه الأزمنة – أيّها الإخوة – شهر رجب من الأشهر الحرم الّذي نحن في صدده؛ التي نصّ عليها القرآن فقال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ (التوبة: 36) ، وبيَّنت السّنة هذه الأربعة، كما ثبت في الصحيحين عن أبي بكرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم-  قال: “إنّ الزّمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السّموات والأرض، السّنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم؛ ثلاث متواليات؛ ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان”.

وقد كان أهل الجاهليّة يعظّمون هذه الأشهرَ الحرم وخاصة شهرَ رجب، فكانوا لا يقاتلون فيه، حتّى إنّ الرّجل يلقى قاتلَ أبيه فلا يمسّه بسوء. فمن أحكام الشهر ما ورد فيه من الصّلاة والزّكاة والصّيام والاعتمار،وإن لم يصحّ في فضل صومه بخصوصه شيء عن النبيّ غير ما لبقية الأشهر الحرم كحديث مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمّها أنّ النبيّ (صلّى) قال :“صم من الحرم واترك” قالها ثلاثا. (خرجه أبو داود وغيره) وخرجه ابن ماجة وعنده :“صم أشهر الحرم”

فممّا يستحبّ فيه من هذا الشهر الدّعاء بالبقاء إلى الأزمان الفاضلة لإدراك الأعمال الصّالحة فيها،لأنّ المؤمن لا يزيده عمره إلاّ خيرا وخير النّاس من طال عمره وحسن عمله إذ كان الشهر (رجب) مفتاح أشهر الخير والبركة.قال أبو بكر الورّاق البلخي : “شهر رجب شهر للزرع وشعبان شهر السقي للزرع ورمضان شهر حصاد الزّرع” والمستحسن لكلّ مسلم مزاولة العبادات والقربات من الآن عسى أن يكون بذلك تعاهدها وتعوّد بها إلى رمضان وما بعده.

الدعاء: اللّهمّ وفّق ولاة أمرنا للخير، و خذ بأيديهم لما فيه خير البلاد والعباد، وأمنّا في أوطاننا اللّهم انصرنا وانصر إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وآمنا في أوطاننا واشف مرضانا وارحم موتانا وأطل حياتنا على العمل الصالح  وارزقنا وأطفالنا وأهلنا والمسلمين  الوقاية من نار جهنّم برحمتك يا أرحم الراحمين.  وصلّ وسلّم على عبدك ورسولك محمّد وعلى آله وأصحابه الأخيار وسلّم تسليمًا كثيرا.

Scroll to Top