Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4

Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4

Deprecated: explode(): Passing null to parameter #2 ($string) of type string is deprecated in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4
فضل الحج والعمرة


فضل الحج والعمرة

بسم الله الرّحمان الرّحيم

الخطبة الخامسة لشهر شوال بتاريخ  29 شوال 1444هـ (19\5\2023م)

الموضوع: فضل الحج والعمرة

الخطبة الأولي

الحمد لله الذي جعل كلمة التوحيد لعباده حرزًا وحصنًا، والبيتَ العتيق مثابةً للناس وأمنًا، ونسب البيت الحرام إلى نفسه تشريفًا له وتكريمًا، وجعل الزيارة والطواف حجابًا من العذاب ومُجْنَأً، والحجَّ المبرور كفارةً وجنَّة، والصلاة على محمد نبي الرحمة، وسيد الأمة، وعلى آله وصحبه، قادةِ الحق، وسادةِ الخلق، وسلِّم تسليمًا كثيرًا .

أما بعد/فاتقوا الله حق التقوى، واعلموا أن الشكر من أجل المقامات وأعلاها، وهو من المقاصد العظمى التي خلق الله الخلق من أجلها، قال تعالى:﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ (النحل: 78)

عباد الله  يتركز موضوع خطبتنا اليوم علي فضل الحج والعمرة، فالحج عبادة العُمر، ومن أعظم أركان الإسلام، وهو ختام الأمر، وتمام الإسلام، وكمال الدين؛ كُتِب على المُسلم البالِغِ المُكلَّف في العُمر مرةً واحدةً، وما زادَ على ذلك فهو تطوُّعٌ. فمَن كتبَ اللهُ له الحجَّ، ووفَّقَه لأدائِه فرضًا كان أو تطوُّعًا، وقامَ بأعمالِه كاملةً؛ فقد منَّ الله عليه بالنعمة العظيمة، والمنزِلَة الرفيعة، والمغفِرَة الواسِعة، والأجورِ المُتنوِّعة. وفيه أنزل الله – عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وقال- صلى الله عليه وسلم في اهتمام بأمره : “تَعَجَّلوا إلى الحج – يعني: الفريضة – فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له” (رواه أحمد عن ابن عباس)

قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (آل عمران 97) وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ (البقرة: 125)

وفضائلهما كثيرة فمنها الفضائل الآتية:

 1- الحج أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام: وهو من أفضل الطاعات، وأجَلَّ القربات التي ترضي رب الأرضِ والسماواتِ، وهو عبادةُ العمرِ، وختامُ الأمرِ وتمام الإسلام، وتمام الدين. فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان“.

 2- من حج بيت الله الحرام فقد كمُل إسلامه: فقد أخرج البخاري ومسلم وابن خزيمة واللفظ له من حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه في سؤال جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فقال: يا محمد ما الإسلام؟ قال: “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وأن تتم الوضوء، وتصوم رمضان،قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: “نعم، قال: صدقت.

 3- الحج والعمرة جهاد الكبير والمرأة والضعيف:  أخرج النسائي من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “جهاد الكبير، والضعيف، والمرأة:  الحج والعمرة (صحيح الترغيب والترهيب) وأخرج الطبراني في الكبير عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: ” جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني جبان وإني ضعيف، فقال الرسول الله صلى الله عليه وسلم له: هَلُمَّ إلى جهادٍ لا شوكة فيه: الحج (صحيح الجامع 7044) وأخرج البخاريُّ عن عائشة رضي الله عنها قالت: “قلت: يا رسولَ الله، نرى الجهادَ أفضلَ العمل، أفلا نجاهد؟ فقال: لا، ولكن أفضل الجهاد: حج مبرور؛ يعنى: أفضل جهاد النساء هو الحج

قال المناوي رحمه الله في” فيض القدير:3/407″: ” الجهاد تحمل الألآم بالبدن والمال، وبذل الأرواح، والحج تحمل الآلام بالبدن وبعض المال دون الروح، فهو جهاد أضعف من الجهاد في سبيل الله، فمن ضعف عن الجهاد لعذر، فالحج له جهاد”؛ ا. هـ.

 4- الحج من أفضل الأعمال عند الله تعالى: أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أفضل؟ قال: “إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: “الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: “حَج مَبْرُورٌ“. وقال العلامة ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف ص241″: ” الإيمان بالله ورسوله وظيفة القلب واللسان، ثم يتبعها عمل الجوارح، وأفضلها الجهاد في سبيل الله، وهو نوعان: أفضلهما: جهاد المؤمن لعدوه الكافر، وقتاله في سبيل الله، والثاني من الجهاد: جهاد النفس في طاعة الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله”؛ (رواه الإمام أحمد وابن حبان

5- من حج البيت الحرام فلم يرقث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌مَنْ ‌حَجَّ ‌هَذَا ‌البَيْتَ، ‌فَلَمْ ‌يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ” (متفق عليه)

معنى قوله : “فَلَمْ ‌يَرْفُثْ”: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ‌إِنَّمَا ‌الرَّفَثُ ‌مَا رُوجع بِهِ النِّساءُ» كَأَنَّهُ يَرَى الرَّفَثَ الَّذِي نَهَى اللهُ عَنْهُ مَا خُوِطَبت بِهِ الْمَرْأَةُ، فأمَّا مَا يَقُوله وَلَمْ تَسْمعُه امْرَأَةٌ فغيرُ داخِل فِيهِ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الرَّفَثُ كَلِمَةٌ جامعةٌ لِكُلِّ مَا يُرِيدهُ الرجلُ مِنَ الْمَرْأَةِ” (النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: 2/241)

قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالي في تفسير قوله تعالي: (فَلاَ رَفَثَ) أَيْ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ فَلْيَجْتَنِبِ الرَّفَثَ، وَهُوَ الْجِمَاعُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [الْبَقَرَةِ: 187] وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ تَعَاطِي دواعية من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك، كذلك التَّكَلُّمُ بِهِ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ

‌وقوله صلي الله عليه وسلم: “وَلَمْ يَفْسُقْ”: أَصْلُ ‌الفُسُوق: الخُروج عَنِ الاسْتِقامة، والجَوْرُ، وَبِهِ سُمِّي العَاصِي فَاسِقاً (النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: 3/446)

6- العمرة إلي العمرة تكفر ما بينهما والحج المبرور جزاؤه الجنة: لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال: “ ‌الْعمرَة ‌إِلَى ‌الْعمرَة كَفَّارَة لما بَينهمَا. وَالْحج المبرور لَيْسَ لَهُ جَزَاء إِلَّا الْجنَّة” (متفق عليه)

وعن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، قيل: وما بره؟ قال: إطعام الطعام، وطيب الكلام“؛ (صحيح الترغيب والترهيب: 1104  (

وقال الإمام النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين ص494″: الحج المبرور هو: الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية. وجاء في فتح الباري: 3/282″: “إن الحج المبرور: هو الذي لا رياء فيه، ولا سمعة، ولم يخالطه إثم ولا يعقُبه معصية، وهو الحج الذي وُفِّيت أحكامه، ووقع موقعًا لِما طُلِبَ من المكلَّف على الوجه الأكمل، وهو المقبول، ومن علامات القبول أن يرجع خيرًا مما كان ولا يعاود المعاصي، والمبرور مأخوذ من البر وهو الطاعة، والله أعلم؛ (انظر: شرح النووي على مسلم: 9/119).

7- الحج يهدم ما كان قبله: لحديث عمرو بن العاصي، رضي الله  عنه، فيه أنه قال:  “… فَلَمَّا جَعَلَ اللهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي، قَالَ: «مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟» قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ، قَالَ: «تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟» قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ: «‌أَمَا ‌عَلِمْتَ ‌أَنَّ ‌الْإِسْلَامَ ‌يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟» وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ، وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ، وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ؛ لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ …” (رواه مسلم)

8 الإكثار من الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب والحج المبرور ثوابه الجنة: فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “تابِعوا بين الحجِّ والعمرة؛ فإنَّ المتابعة بَينهما تَنفي الفقرَ والذنوبَ كما يَنفي الكيرُ خبَثَ الحديد” (رواه الترمذي وابن ماجه).

الخطبة الثانية

الحمد لله، منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، وسريع الحساب، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين نبينا محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا. وبعد

 9-  أجر الحج والعمرة على قدر التعب والنفقة: فقد أخرج الحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في عُمْرَتِهَا:  إنَّ لك من الأجر على قدر نَصَبِكِ وَنفَقَتِكِ” (صحيح الجامع) وفي رواية: “إنما أجرُك في عمرتكِ على قَدْرِ نَفَقَتِكِ”؛ (صحيح الترغيب والترهيب: وهذا الحديث يمسح على كل معتمر أي تعبٍ يلقاه، ويهوِّن عليه كل مال ينفقه في سبيل الله، مبشرًا إياه أن ما عند الله خير وأبقى.

10- الحجاج والعمار وفد الله: عن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “‌الْحُجَّاجُ ‌وَالْعُمَّارُ ‌وَفْدُ ‌اللَّهِ، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم (الصحيحة : 1820 صحيح الجامع 3173)

وفي رواية عند النسائي وابن خزيمة وابن حبان من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال:  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وفد الله ثلاثة: الغازي، والحاج، والمعتمر (صحيح الترغيب والترهيب)

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “وفد الله”، فيه إضافة تشريف لهؤلاء، ومعنى الحديث: أن السائرين إلى الله القادمين عليه من المسافرين ثلاثة أصناف، فتخصيص هؤلاء من بين العابدين، لاختصاص السفر بهم عادة؛ (حاشية السندي على سنن النسائي). وقال المناوي رحمه الله في “فيض القدير: 4/409”: الحاج والمعتمر وفد الله؛ أي: قادمون عليه امتثالًا لأمره، دعاهم إلى الحج والاعتمار فأجابوه، وسألوه فأعطاهم ما سألوه، ومقصود الحديث: بيان أن الحاج حجًّا مبرورًا لا ترد دعوته”؛ اهـ.

11-  من خرج حاجًّا فهو في ضمان الله: فقد أخرج أبو نعيم في “الحلية” من حديث أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله عز وجل، ورجل خرج غازيًا في سبيل الله تعالى، ورجل خرج حاجًّا؛(الصحيحة: 600) (صحيح الجامع: 3051).

وأسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى: أن يوفق جميع الحجاج والعمار لما فيه صلاحهم ونجاتهم، ولما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأن يتقبل حجهم وعمرتهم ونفقتهم، وأن يرد الجميع لبلادهم سالمين، وقد غُفرت سيئاتهم، وغلقت دونهم أبواب النيران، وأن يوفق المسلمين جميعًا للحج والعمرة ..

Scroll to Top