Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4

Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4

Deprecated: explode(): Passing null to parameter #2 ($string) of type string is deprecated in /home/tmcngnet/public_html/wp-content/mu-plugins/xrRyi2.php on line 4
فضْل الإعْتِنَاء بِتَرْبِيَةِ الأولادِ عَاجِلاً وآجِلاً


فضْل الإعْتِنَاء بِتَرْبِيَةِ الأولادِ عَاجِلاً وآجِلاً

بسم الله الرحمن الرحيم

الْخُطْبة الثالثة لشهر صفر بتأريخ 16/2/1445هــــ-1/9/2023م

حول: فضْل الإعْتِنَاء بِتَرْبِيَةِ الأولادِ عَاجِلاً وآجِلاً

_____________________________________________________

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لله ربِّ العالمين الّذي أرسلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى والدِّينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ, والَّذِي أوْصَى الْمُؤْمِنِينَ بالاعْتِنَاء برعَايَةِ أَهْلِيهِمْ وتَرْبِيَّةِ أَوْلَادِهِمْ وَجَعَلَ عِقَاباً شَدِيداً لِلتَّهَاوُنِ بِهَذِهِ الْمُهِمَّةِ الْكُبْرَى فقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم:66/6], نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَنَشْكُرُهُ وَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ, وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا وَمَوْلانا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, بَلَّغَ الرِّسَالَة, وَأَدَّى الأَمَانَة, ونَصَحَ لِلْأُمَّة وَكَشَفَ اللهُ بِهِ الْغُمَّة وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ رَبِّهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ. اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ والتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ,

فَيَا عِبَادَ اللهِ, أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سِرًّا وَجَهْرًا, وَاعْلَمُوا أَنَّ التَّقْوَى هُوَ الْغَايَةُ الْمَنْشُودَة فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ والطَّاعَاتِ طِبْقًا لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:2/21].

أيُّهَا المُسْلِمُونَ الْكِرَامُ, هَذَا هُوَ اللِّقَاءُ الثّالث فِي شَهْرِ صَفَرِ وَإِنَّ مَوْضُوعَ خُطْبَتِنَا الْيَوْمَ يَدُورُ حَوْلَ:

فضل الاعْتِناءِ بتربيةِ الأولادِ عَاجِلاً وآجلاً

إخوة الإيمان, إن الأبناء هم شباب المستقبل للأمة الإسلامية، والقيام بتربيتهم وتعليمهم مهمة عظيمة في الدين، وهذه التربية واجب على كل مسلم ومسلمة يؤمنون بالله تعالى واليوم الآخر، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].

وفي الآية الكريمة موعظة عظيمة وترهيب من عاقبة النار وجحيمها وما بها من أهوال جسام، وفي رحاب الآية الكريمة قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: “قال قتادة: تأمرهم بطاعة الله سبحانه وتنهاهم عن معصية الله تعالى وأن تقوم عليهم بأمر الله سبحانه وتأمرهم به وتساعدهم عليه فإذا رأيت لله تعالى معصية قذعتهم عنها وزجرتهم عنها وهكذا قال الضحاك ومقاتل حق المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله تعالى عليهم وما نهاهم الله سبحانه عنه” انتهى من (تفسير ابن كثير).

وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم المفهوم الشامل للرعاية والمسئولية للقيام بالوفاء بهذه الأمانة وتحملها،  فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» (متفق عليه). ولذا فإن أهم ما يتم ترسيخه عند تربية الأبناء مفاهيم الدين لكي تستقيم دنياهم وآخرتهم وينعموا بالصلاح،  ويسعدوا بثمار هذه التربية الشرعية فتجني الأمة الإسلامية نتائج هذا النهج.

ثمرات تربية الأبناء:

أولا: الدال على الخير كفاعله:

  من أجل ثمرات تربية الأطفال التمتع بثواب وأجر الدلالة على الخير،  فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: ” أتى النبيَّ صلى اللهُ عليهِ و سلمَ رجلٌ يستحملُه فلمْ يجدْ عندهُ ما يتحملُهُ فدلَّه على آخرٍ فحملَهُ فأتى النبيَّ صلى اللهُ عليهِ و سلمَ فأخبرَه فقال: «إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه»  (الترمذي:2670)،  وعن جرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى اللهُ عليهِ و سلمَ: «من سنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حسنةً ، فعُمِل بها بعده ، كُتِبَ له مثلُ أجرِ مَن عمل بها . ولا ينقصُ من أجورِهم شيءٌ . ومن سنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سيئةً ، فعُمِل بها بعدَه ، كُتب عليه مثلُ وِزرِ من عمل بها ، ولا ينقصُ من أوزارِهم شيءٌ» (مسلم:1017)،  ولذا من رزق التوفيق وتأمل عظيم الأجر ونبل الهدف لاستثمر آخرته في تهذيب أولاده،  ولعقد العزم على مصاحبة أطفاله على البر والتقوى،  فكل معروف يتم تعليمه للأبناء يكون في ميزان الآباء بفضل الله الكريم،  وكل خصلة حميدة تم غرسها في الأبناء يجني ثمارها الآباء.

ثانيا: دعاء الولد الصالح للوالدين:

إن أكبر خسارة للمسلم عند موته انقطاع عمله الصالح إلا من كان له رصيد من الحسنات الجارية أو حظ عظيم من نشر العلم الشرعي وما ينتفع به المسلمون وأيضا دعاء ولده الصالح فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى اللهُ عليهِ و سلمَ: «إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ : إلا من صدقةٍ جاريةٍ . أو علمٍ ينتفعُ به . أو ولدٍ صالحٍ يدعو له»   (مسلم:1613). ومن أحسن تربية أطفاله على حب الله تعالى فلا ريب أن الله الكريم سيسخر له هذا الولد الصالح كي يثابر على الدعاء له وتزيد حسناته ولا يتجمد رصيد عمله الصالح في صحيفته.

ثالثا: استغفار الأبناء سبب في الرقي في درجات الجنة:

ومن الثمرات الجليلة استغفار الأولاد للوالدين،  فقد بشرنا رسول الله صلى اللهُ عليهِ و سلمَ بفضل هذا الاستغفار فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى اللهُ عليهِ و سلمَ: «إنَّ الرجُلَ لَتُرْفَعُ درجتُهُ في الجنةِ فيقولُ : أنَّى لِي هذا؟ فيُقالُ : بِاستغفارِ ولَدِكَ لَكَ» صححه الألباني في (صحيح الجامع:1617). ولذا فمن علم أولاده العلم الشرعي، وغرس في نفوسهم الأخلاق، وسعى لتعليمهم فضيلة الاستغفار،  فسيتحصل على نتيجة ذلك فيرتقي في درجات الجنة بفضل الله الحليم العظيم الكريم.

رابعا: حسن تربية البنات سبب في دخول الجنة:

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى اللهُ عليهِ و سلمَ: «مَن ابتُلي بِشَيءٍ من البناتِ فصبرَ عليهِنَّ كنَّ له حجابًا من النَّارِ» (الترمذي:1913) ،  وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى اللهُ عليهِ و سلمَ: «مَن عالَ ابنتينِ أو ثلاثًا ، أو أختينِ أو ثلاثًا حتَّى يَبِنَّ ، أو يَموتَ عنهنَّ ؛ كنتُ أنا وهوَ في الجنَّةِ كَهاتينِ . وأشار بأُصْبُعيهِ السبَّابةَ والتي تلِيهَا» صححه الألباني في (صحيح الترغيب:1970). وفي الحديث الشريف حث عظيم على أهمية تربية البنات وعظم ثواب ذلك،  فمن أراد مصاحبة سيد الخلق صلى اللهُ عليهِ و سلمَ فليؤدب بناته وأخواته،  وليحسن صحبتهن باللين في القول وإسعادهن بكل وجه من وجوه البر والإحسان.

خامساً: حسن تربية الأولاد أعظم أنواع الاستثمار:

فأحسنوا تربية أولادكم، فإنها أعظم أنواع الاستثمار، فسلامة ورقى المجتمعات أساسها سلامة الأسر التي تقدم لمجتمعاتها أفرادا صالحين يقومون على النهوض بها في كل المجالات، وكما قيل: الثمار من جنس الشجر، وكما يزرع الإنسان يحصد، فالآباء الذين يحرصون على تربية أولادهم، فإنّهم كالزرّاع الذين يزرعون البذور التي ستنمو وتصبح أشجاراً ثمّ تثمر فيجنى الزارعون ثمار ما زرعته أيديهم.

نسأل الله ملك الملوك أن يرزقنا وأطفالنا وأهلنا والمسلمين الوقاية من نار الجحيم،  والحمد لله رب العالمين،  ونصلي ونسلم على رسولنا الحبيب صلى اللهُ عليهِ و سلمَ وعلى آله وصحبه أجمعين،  ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.

الخُطْبَةُ الثَّانية:

الْحمد لله ربّ العالمين الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ, ثمّ الصّلاة والسّلام على خيرِ خلق الله سيّدنا ومولانا محمّدٍ وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمَّا بَعْدُ,

فيا عبادَ الله, من الحقيقة التي لا ينبغي أن يُستهان بها هي ذكر الموت في كلّ وقتٍ وحين. كَفَى بِالْمَوْتِ واعِظاً, ولا مخلوقٌ كُتِبَ لَهُ الْبَقَاءُ, ولا موجودٌ كُتِبَ لهُ الدّوامُ والْخُلُودُ. وَ(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [الرحمن:55/26-27]. عَجَباً لِمَوْتِ أحَدِ الصّالِحِين في منطقة أوجو, ولاية لاغوس الّذِي ارتَحَلَ إلى الرفيق الأَعْلَى في فجر الإِثْنَينِ الفائت 28/8/2023. عَاشَ يوم الأحد قَويّاً ونَشيطاً فِي طَاعةِ رَبّهِ وَمُشْتَغِلاً بشُؤُونِ دِينِهِ الحنِيف, كَان في الاجتماع مع العلماء العاملين منذ الصباح عَلَى مَصْلَحَةِ الْمُسْلمِينَ إلى قُبيل العصر, صَلَى المغرب والعشاء ولم يشعُر بأيّ ألمٍ فِي جِسده فنام كعادته اليومية كي يستريح بدنه لمسؤوليات اليوم المقبل ولم يعرف أنّ الأجل قد قَرُبَ. استيقظ لقيام اللّيلِ المعتاد فأخذ يشعُر بحضور مَلَكِ الموت فذُهِبَ بِهِ إلى المستشفى حيث لقي أجَلَهُ فَذَهَبَ إِلَى خالقه الواحد القهّار, المُحيي والمُميت … ألا وهو المرحوم الشيخ المهندس علي غَرُبَا رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الذين أنعم عليهم من النبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين, وحسُن أولئك رفيقا.  قد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد»، قيل يا رسول الله، فما جلاؤها؟ قال: «ذكر الموت وتلاوة القرآن».

وقد أرشد الحديث إلى علاج هذا الداء الذي يصيب أشرف الأعضاء بل ملكها، بأن يتذكر أن إلى ربه المنتهى، فهناك تبلى السرائر، وتكشف الضمائر ويجازى كل إنسان بما فعل، فإذا تذكر المرء ذلك المصير أعد له عدته، بما ينجيه عند ربه سبحانه، فإنه لا ينجو منه إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن يلازم قراءة كتابه المنزّل الذي هو منهجه الذي وضعه لعباده ليسيروا عليه في رحلة عيشهم في دار الابتلاء، فإن من قرأ القرآن وتدبر وعده ووعيده، وامتثل أمره ونهيه، ورغب في الخير الذي حث عليه، ونفر من الشر الذي نفّر منه، وزهد في ما حقّره، ورغب في ما عظّمه يكون على هدى من الله وبينة من أمره، بفضل الله، فيكون في الدنيا سعيداً وفي الآخرة حميداً.

ولست أرى السعادة جمع مال    =  ولكن التقي هو السعيد.

الدّعاء:

اللهم أمنا في أوطاننا وول علينا خيارنا وأيد بالحق أولياء أمورنا, وحقق الأمن والاستقرار في بلادنا, اللهم إنّا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم, اللهم أعز الإسلام والْمسلمين وأصلح أحوال الْمسلمين فى كل مكان.  اللهم أمنّا فى الأوطان والدور وادفع عنا الفتن والشرور  وأصلح لنا ولاة الأمور, واستجب دعاءنا إنك أنت سَميع الدعاء. وصلى الله على النبي وعلى آله وصحبه وسلّم.

Scroll to Top