بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الثالثة لشهر ذي القعدة بتأريخ 18 /11/ 1446ه 16/5/ 2025)
الموضوع: الأضحية : مشروعيتها وحكمها أنواعها .
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ..
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله: واعلموا أن التقوى خير زاد للقاء الله؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلعمران:102].
عباد الله: حقيقة نحن في موسم عظيم الذي ينبغي أن يستغله المسلم في الإكثار من العبادات ومن بينها الأضحية: مشروعيتها وحكمها وأنواعها بعد أن تحدثنا عن فضل أداء الحج والعمرة في الأسبوع الماضي .
ما هي الأضحية؟
تعريف الأضحية : اسمٌ لما يُذكى من الأنعام تقرباً إلى الله تعالى في أيام النحر بشرائط مخصوصة . وقد شرعت في السنة الثانية من الهجرة كالزكاة وصلاة العيدين، وثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {فصلّ لربك وانحر} [الكوثر: 2] وقوله: {والبدنَ جعلناها لكم من شعائر الله} [الحج: 36] أي من أعلام دين الله.
وأما السنة فأحاديث، منها حديث عائشة: “ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله تعالى من إراقة الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً.
ومنها حديث أنس قال: “ضحى رسول الله ﷺ بكبشين أملحين، أقرنين، فرأيته واضعاً قدميه على صِفَاحها، يُسمِّي ويكبِّر، فذبحهما بيده”.
وأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية. ودلت الأحاديث على أنها أحب الأعمال إلى الله يوم النحر، وأنها تأتي يوم القيامة على الصفة التي ذبحت عليها، ويقع دمها بمكان من القبول قبل أن يقع على الأرض، وإنها سنة إبراهيم لقوله تعالى: {وفديناه بذبح عظيم} [الصافات: 107].
الأضحية شعيرة إسلامية
ذبح الأضاحي أو نحرها في يوم عيد الأضحى، شعيرة إسلامية تضافرت الأدلة على شرعيتها يقول الحق سبحانه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، وفي الحديث عن أبي هريرة: “أن رسول الله ﷺ ضحى بكبشين سمينين، عظيمين أملحين، أقرنين، موجوأين (مخصيين) وأضجع أحدهما، وقال: باسم الله والله أكبر اللهم عن محمد وآل محمد، ثم أضجع الآخر وقال: باسم الله والله أكبر اللهم عن محمد وأمته ممن شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ” [ رواه الدارقطني].
وقد رغب رسول الله ﷺ في الأضحية فروت عنه عائشة أنه قال: “ ما عمِلَ آدمِيٌّ مِن عمَلٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللهِ مِن إهراقِ الدَّمِ؛ إنَّها لتَأْتي يومَ القيامةِ بقُرونِها وأشعارِها وأظْلافِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ بمكانٍ قبلَ أنْ يقَعَ مِن الأرضِ، فَطِيبوا بها نفسًا“ [أخرجه الترمذي وابن ماجه].
حكم الأضحية
من أحكام وشروط الأضحية بيان الحكم الشرعي الخاص بالأضحية عند العلماء، فما حكمها؟
ذهب أكثر العلماء ما عدا الحنفية إلى أن الأضحية سنة مؤكدة غير واجبة، ويكره تركها للقادر عليها، دليل ذلك أن رسول الله ﷺ علق الأضحية على إرادة المضحي في حديثه الذي روته عنه أم سلمة الذي يقول فيه: “إذا دخل العشر أي العشر الأوائل من ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي” رواه مسلم في صحيحه. والواجب لا يعلق على إرادة المكلف بأدائه.
وقال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في “صحيحه”: “باب سنة الأضحية، وقال ابن عمر: هي سنة، ومعروف.
قال ابن حجر في “الفتح”: وكأنه ترجم بالسنة إشارة إلى مخالفة من قال بوجوبها، قال ابن حزم: لا يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة، وصح أنها غير واجبة عن الجمهور، ولا خلاف في كونها من شرائع الدين، وهي عند الشافعية والجمهور سنة مؤكدة، على الكفاية.
أما الحنفية فقد رجحوا أن حكم الأضحية واجبة مرة في كل عام، واستدلوا بالحديث: «من وجد سعة، فلم يضح، فلا يقربن مصلانا» قالوا: ومثل هذا الوعيد لا يلحق بترك غير الواجب، ولأن الأضحية قربة يضاف إليها وقتها، يقال: يوم الأضحى وذلك يؤذن بالوجوب؛ لأن الإضافة للاختصاص، والاختصاص بوجود الأضحية فيه، والوجوب هو المفضي إلى الوجود في الظاهر بالنسبة لمجموع الناس.
ما هو القول الراجح في حكم الأضحية؟
الأضحية سنة مؤكدة للقادر المستطيع وليست واجبة، وهذا رأي جمهور العلماء. أما الحديث «من وجد سعة، فلم يضح، فلا يقربن مصلانا» واحتج به الحنفية للدلالة على وجوب الأضحية فهو حديث منكر كما قال الإمام أحمد، ولا يجوز الاحتجاج به.
وهذا مذهب الصحابة رضوان الله عليهم فإن غالب الصحابة يرون الأضحية سنة ولا يوجبونها على القادر المستطيع ومن أقوالهم:
– روى الشعبي عن أبي سريحة قال: رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وما يضحيان كراهة أن يقتدى بهما.
– وقال عكرمة: كان ابن عباس يبعثني يوم الأضحى بدرهمين اشترى له لحما ويقول من لقيت فقل هذه أضحية ابن عباس
– وقال ابن عمر: ليست بحتم ولكن سنة ومعروف
– قال أبو مسعود الأنصاري: إني لأدع الأضحى وأنا موسر مخافة أن يرى جيراني أنه حتم علي.
والأفضل تقديم الأضحية من باب السنة وليست من باب الإلزام والوجوب.
مم تكون الأضحية؟
ذهب جمهور أهل العلم بما فيهم أصحاب المذاهب الأربعة إلى أنه يشترط في الأضحية أن تكون من الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم.ويشمل ذلك الذكر والأنثى من النوع الواحد، وكذا الخصي والفحل، والمعز نوع من الغنم، والجاموس نوع من البقر.
ولا يجزئ غير النعم من بقر الوحش وغيره، والظباء وغيرها، لقوله تعالى: {ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} [الحج: 34] ولم ينقل عنه ﷺ، ولا عن أصحابه التضحية بغيرها
ولا خلاف بين العلماء في أنه لا يجزيء في الأضحية شراء لحم وتوزيعه على الناس، فلا تكون الأضحية إلا بإراقة الدم.
ومن شروط الأضحية التي اشترطها الإسلام ما يأتي:
- من الشياه ما اكتمل له ستة أشهر ودخل في السابع
- ومن البقر ما كمل له سنتان، ودخل في الثالثة
- ومن الإبل ما كمل له خمس سنين، ودخل في السادسة
- ويستحب أن تكون الأضحية سمينة، عظيمة، حسنة
- ويجب أن تكون خالية من العيوب التي تؤثر في وفرة لحمها، وجودته، ولهذا فلا يجزئ التضحية بالعوراء أو العرجاء، أو المريضة التي لا يرجى برؤها، أو العجفاء المهزولة، أو العضباء التي ذهب أكثر من نصف أذنها أو قرنها. وذلك لما روي عن البراء قال: قال رسول الله ﷺ: “أربع لا يجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقى”[3].
وإذا كان هناك من الأضاحي ما عظم لحمه، من البقر المهجن بحيث إذا زادت عن سنتين، فإن لحمها لا يكون مستساغًا، ولا يوجد البقر غير المهجن، فإنه يجزئ ما كان أقل من سنتين، نظرًا لحكمة الشارع من الأضحية، وهي وفرة اللحم، حتى ينعم الفقراء، وتيسيرًا على الناس، والأمور بمقاصدها.
حكم الاشتراك في الأضحية
ذهب جمهور الفقهاء- وهو الراجح- إلى أن الشاة تجزيء عن أهل البيت الواحد مهما كثر عددهم؛ فبالشاة الواحدة تتأدى السنة، ويثبت الأجر للجميع. وخالف في ذلك الحنفية، ولا يجوز أن يشترك أكثر من شخص في شاة واحدة، بحيث يشتركون في ثمنها، ولا بأس أن يستقل واحد بثمنها ويدخل من شاء معه في الثواب.
وذهب أكثر أهل العلم إلى أن البدنة تجزئ عن سبعة والبقرة تجزئ عن سبعة. وذهب بعض أهل العلم إلى أن البدنة تجزئ عن عشرة. أي يشترك هؤلاء في ثمن البقرة أوالبدنة ولا بأس، فلا ينقص نصيب الفرد الواحد عن سبع بقرة أو عشر بدنة.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي الرسول الأمين محمد بن عبد الله وأهله وأصحابه أجمعين .
عباد الله، من صفات القادة العظام، الاعتراف بالخطأ عند ظهوره، والتواضع في قبول الحق، والسعي لإصلاح ما يمكن إصلاحه. وهذا ما رأيناه في موقف الأستاذ البروفيسور إسحاق أولوييدي – رئيس هيئة (JAMB) – جزاه الله خيرًا، حيث أظهر شجاعةً نادرةً وتواضعًا جليلًا، حين اعترف بما حصل من خلل في بعض نتائج الامتحانات، وأمر بإعادة الامتحان للطلبة المتضررين.
إن مثل هذا السلوك يندر في زماننا، خاصة من رؤساء الهيئات والمسؤولين في بلادنا، الذين كثيرًا ما يُكابرون ولا يعترفون بالخطأ.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ” رواه الترمذي.
فهذا الموقف من الأستاذ إسحاق يدل على خشية لله، وحرص على الأمانة، وصدقٍ في المسؤولية، وهو مثال يُحتذى به.
إننا في هذا المقام نُثني على المبادرات الشجاعة التي تُصلح ولا تُفسد، وتُداوي ولا تُهمل، ونسأل الله أن يُكثر من أمثال هذا المسؤول الأمين،كما ندعو المسؤولين في بلادنا أن يقتدوا بهذا النموذج الرائع، وأن يعلموا أن الأمانة مسؤولية، وأن الله سائِلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاه.، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته” )متفق عليه.) ونسأل الله أن يزيده توفيقًا، وأن يُبارك في جهوده، وأن يجعل صنيعه هذا في ميزان حسناته.
ولا بد من التوصية ببعض الأمور المهمة: أولًا: ينبغي ألا يعتمد نظام JAMB اعتمادًا كليًا على الحوسبة (CBT)، بل يجب أن يكون هناك دعم بشري فني متكامل، يُتابع ويُصحح ويُراجع، لأن الآلات أيضًا عرضة للخلل والخطأ، قال تعالى: (وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا) [النساء: 28]، فإذا كان هذا هو حال الإنسان، فماذا نتوقع من الآلات التي صنعها الإنسان؟ لا شك أن الضعف والخلل لابد أن يكونا موجودين فيها أيضًا
ثانيًا: نوصي الجهات الأخرى كـ اللجنة الوطنية للانتخابات (INEC) أن تتعلم من هذا الحدث، وأن تُراجع نظامها ولا تجعلها مبنية على BIVAS فقط، بل تبني نظامًا مشتركًا بين الإنسان والآلة، لضمان الشفافية وتقليل فرص الفشل أو التزوير.
ثالثًا: من الضروري إجراء تحقيق شامل حتى تظهر الحقيقة، ومنعًا لتكرار ذلك في المستقبل. كما نُعرب عن تعاطفنا البالغ مع جميع المتأثرين بالحادثة من الطلاب والوالدين وأولياء الأمور، سائلين المولى اللطيف الغفور أن يسكن قلوبكم ويعوضكم عما فاتكم، إنه هو السميع البصير.
وختاما : نفيدكم خبرا أنه قام عمال الوكالة الوطنية لإنفاذ قانون المخدرات (NDLEA) بقبض علي امرأة غير مسلمة لكن تنكرت في حجاب المسلمة إسمها (Ihensekhien Miracle Obehi) في مطار بورت هاركوت الدولي (Port Harcourt International Airport) أثناء محاواتها تهريب 2.523 كيلو غرام من الكوكايين إلي إيران , ابتلعت بعضها ووضعت بعضها في فرحها فرارا من الإعتقال! إنا لله إنا إليه راجعون!!!
إخوة الإيمان، هذا نوع من التشويه بالشخصية التي اختلقها أعداء الله والإسلام بالإسلام والمسلمين ليصدوا عن سبيل الله، وصدق الله تعالى حيث قال: ” إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً” (سورة الطارق: 14-17 ) وأبطل الله المكر مصداقًا لقوله تعالى: ” هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (سورة التوبة: 33) وتشريفا للإسلام وأهله قال تعالي: “إن الدين عند الله الإسلام” (سورة آل عمران: 19)
دعاء : اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين والكفر والكافرين والإلحاد والملحدين والنفاق والمنافقين واجعل هذا البلد أمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا عزيز يا قهار يا رب العالمين . اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءًا فاشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميره، ورد كيده في نحره، اللهم انصر دينك وكتابك وعبادك الصالحين، اللهم عليك بمن يكيد للإسلام والمسلمين، اللهم رد كيدهم في نحورهم، واجعل الدائرة عليهم يا قوي يا عزيز. وصلِّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.