بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الرابعة لشهر جمادى الأولى بتأريخ 27/5/ 1446ه (29/11/ 2024م)
الموضوع: التعاون على البر والتقوى: مجالاته وأساليبه
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَلَّى عَلَيِه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أمَّا بَعْدُ: فيا أيها الناس أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سِرّاً وَجَهْراً إِذْ هِيَ الْغَايَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ جَمِيعِ الطَّاعَاتِ وَكافَة الْمَأْمُوراتِ وَالْمَنْهِيات وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى: “يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة:2\21)
عباد الله، موضوعنا اليوم يتركز على قضية مهمة على الغاية وهو التعاون على البر والتقوى: مجالاته وأساليبه، فالتعاون بين المسلمين مطلب رباني ومنهج إيماني أمر الله به في كتابه بقوله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة:2].
فالتعاون بين المسلمين في قضاء حوائجهم وتعاون ما بينهم فإن كلاًّ لن يستطيع أن يواجه مشاكل ومتاعب الحياة بنفسه بل لابد من إعانة إخوانه وصدق أصدقائه على باب التعاون.
ولهذا التعاون فضائل عظيمة ومنافع عديدة؛ فمن فضائل هذا التعاون:
أنه سبب الاجتماع وتآلف القلوب ونبذ الفرقة قال -جَلّ وَتعَالَى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) [آل عمران: 103] ففي التعاون يحقق المجتمع مصالحه الدينية والدنيوية.
ومن فوائد هذا التعاون: أنه سبيل للحصول إلى المطلوب بلا تعب ولا مشقة ولهذا لما كلّف الله نبيه موسى -عَلَيه السّلام- بإبلاغ رسالته إلى فرعون (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي* وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) [طه:25-32].
وإبراهيم -عَلَيه السّلام- مع ابنه إسماعيل تعاونا في بناء الكعبة قال الله -تعَالَى-: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) وقال: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة:127].
وأخبرنا الله في كتابه عن ذي القرنين أنه مكنه في الأرض وأتاه من كل شيء سببًا فكان من القوة والنبل، ولما سألهم عن السدين أن يُقيم سدًا بينهم وبين يأجوج ومأجوج (قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) [الكهف:95].
ومن فضائل التعاون: أنه سبب في قوة المؤمنين فإن اجتماع كلمتهم وتعاونهم سبب لقوتهم، وخوف الأعداء منهم؛ ويقول -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم-: “المُؤمِنَ للمُؤْمِنِ كالبُنيانِ، يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا“؛
من فضائل التعاون أيضًا: أن الجزاء من جنس العمل؛ فمن أعان أخاه أعانه الله. يقول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ-: ” الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ“،
ومن فضائل التعاون: نصر الظالم والمظلوم فيُنصر الظالم؛ بأن يُبعد عن الظلم، ويُحذر من عواقبه السيئة ونتائجه الخطيرة التي تعود على الظالم بالسوء (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) [إبراهيم:42]. اتقوا الظلم فإن الظلم ظُلمات يوم القيامة، وتنصر المظلوم فتعينه على استرجاع حقه ويخدم مظلمته بما ظُلم وفي الحديث “انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا” قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: نَصَرْتُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ: “تَكُفُّهُ عَنْ الظُّلْمِ فَذَاكَ نَصْرُكَ إِيَّاهُ“.
ومن فضائل التعاون: الاشتراك في الأجر العظيم يقول -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم-: “مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا“.
ومنها أن التعاون: صدقة الإنسان عن نفسه يقول -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم-: “يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى“.
أيها المسلم: وهذا التعاون له مجالات عظيمة في حياة المسلم: فأولها: أن الله -جلَّ وَعَلا- أرشدنا إلى أن نعلن هذه الصفات الخمس والشهادة العظيمة والآذان والجماعة؛ فأمرنا أن نؤدي الصلاة في المسجد جماعة في اليوم خمس مرات وأداء الجمعة وصلاة العيدين تقر بها قوة المؤمنين وارتباط كلمتهم واجتماع قلوبهم وهيبتهم وخوف الأعداء من هيبتهم وقوتهم؛ فإن أداء الجماعة في المساجد والعيدين قوة للأمة وعز لها وستائر لقلوبها واجتماع كلمتها.
ومن ذلك أيضًا: التعاون على إظهار شريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر من أخلاق هذه الأمة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ) [آل عمران:110] وقال: ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ) الآية [آل عمران: 104].
فالتعاون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يد الظالم وردعه عن ظلمه. يقول -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم-: “كَلا وَاللَّهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ الظَّالِمِ وَلِتَأْطِرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا “ زَادَ فِي رِوَايَةٍ: ” أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ بِقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ لَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ” (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ* كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [المائدة:78-79].
إن المجتمع لابد له من الأمر والنهي؛ فإن الأمر بالمعروف سياجٌ منيع يترك إلى الفساد والمهالك، وإذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استشعر الشر بالأمة، وصَعُب تخليصه منها فلابد للأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الأمر بالمعروف درجة لكل خير، والنهي عن المنكر تحذير من كل شر فلابد من التعاون في المجتمع -جميعًا-؛ فإن ترك النهي عن المنكرات فإنها تزيد في الناس، فيوشك أن تحل بنا عقوبة الله من حيث لا نشعر قال -جلّ وَعَلا-: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ* أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ* أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف:96-98].
ومن التعاون: الدعوة إلى الله، وإرشاد عباد الله وتذكيرهم ونصيحتهم وتحذيرهم من كل سابل سبل الله عليهم؛ فالدعوة إلى الله سبيل، والدعوة إلى الله وتبليغ الجالية إلى الله، والدعوة إلى الله -جلّ وَعَلا- بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق واللين. أيها المسلم: حاول أن تدعوهم إلى الإسلام وأن ترغبهم فيه بالقول والفعل والسيرة الحسنة معهم؛ حتى يقبلوا دعوتك، ويستجيبوا لهذا الأمر العظيم.
ومن التعاون أيضًا: التعاون على العلم النافع؛ كتعليم كتاب الله فإن كتاب الله أشهر العلم وأفضلها قال -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم-: “خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ“؛
ومن التعاون المطلوب: بين الناس التعاون على قضاء دين المدينين والمعسرين قال -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم-: “وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ“ ، قال تعالى: ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:280].
ومن التعاون: الشفاعة الحسنة والتعبير على لسانه يقول -صَلَّى اللَّه عَليه وَسَلَّم-: “اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ“.
ومن التعاون: التعاون مع ولاة الأمور في تبليغ رسالتهم، والقيام بواجبهم؛ فإن ولي أمرنا لابد من التعاون معه في القيام بواجب عظيم فإن الرعية إذا تعاونوا مع إمامهم وولاتهم بالعدل والنصيحة وردع الظلم كان خيرًا كثيرًا، والتعاون مع ولاة الأمر بالنصيحة والتوجيه والراعي برعيته كل هذا من التعاون.
ومن التعاون أيضًا: التعاون مع رجال الأمن في كشف خبايا المجرمين والمفسدين، والقضاء عليهم، ومفاجأتهم بأوكارهم الشنيعة؛ فإن المسلم عاون لكل خير فالمجرمون المفسدون إذا تركوا فعلوا ما شاءوا لكن إذا وجدوا من المجتمع المسلم رفض لكل أعمالهم وأخلاقهم السيئة وأن في التعاون معهم في كشف عن خباياهم صار ذلك خير وأعمالهم الفاضلة.
ومن التعاون أيضًا: التعاون على إيقاف الحملات والأباطيل والإشاعات السيئة، التعاون على القضاء عليها وعدم التصديق لها وعدم الإذاعة بها؛ لما فيها من الفساد والشر والبلاء.
أقولُ قولي هذا وأستغفِرُ اللهَ العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين مِنْ كلِّ ذنبٍ فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مُباركًا فيه كما يُحِبُّ ربُّنا ويرضى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدِّين.
وبعدُ: فيا أيُّها الناس: كما مضى التعاون على البِرِّ والتقوى؛ فهناك النهي عن التعاون على الإثمِ والعُدوانِ: فكيف التعاون على العدوان؟ كيف يكونُ التعاون على العدوان: بالتعاون على سفك الدِّماء المعصومة لقتل المسلمين أو المُعاهَدين بغير حقٍ؛ فإنها جريمة نكرة ومصيبة عُظمى، فإنَّ سَفك الدماء المعصومة مِنَ الأمور المُحَرَّمة: (فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء:93]. فإيَّاكَ أنْ تُعينَ مُجرِمًا على جُرمِهِ؛ ولو بشَطر كلمة، يقولُ -صلى اللهُ عليه وسلم-: “مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ“.
ومِنَ التعاون على الإثم والعدوان: التعاون على حماية المُجرِمين، والتسَّتر عليهم والدفاع عنهم والاعتداد عنهم، وهم مِنْ أهل الفساد والشرِّ والبلاء؛
ومِنْ أنواع التعاون على الإثم والعدوان: التعاون في أكلِ أموال الباطل؛ بأيّ سببٍ كان، بأي سبيلٍ كان وبأي وسيلةٍ كانت، سواء كان بالأسهم والتلاعُب بها، أو سواء كان بالسِّلَعِ التجارية، والاتفاق على رفع أسعار السِّلَعِ بلا سبب شرعي، كُلّ هذا مِنَ التعاون على أكل أموال الناس بالباطل.
ومِنَ التعاون أيضًا على الإثم والعدوان: التعاون على أكل أموال العامة، واستحلال أموال الدول بغير حق، وإفساد المشاريع العامة وإخلال مواصَلَتها وتنفيذها، وأخذ الرشوة حتى تُخَفَّض المواصلات وغير ذلك مما يضُرُّ الأُمَّة، كل هذا مِنَ التعاون على الإثم والعدوان.
ومِنَ التعاون على الإثم والعدوان: ترويج المُخَدِّرات والمُسْكِرات؛ باستيرادها وترويجها وبثّها في شبابنا فإنَّ هذا مِنَ التعاون على الإثم والعدوان؛ لأن هذه أموالٌ خبيثةٌ، مكسبها خبيث ونتائجها سيئة؛ فإنها مِنَ الأموال المُحَرَّمة، وإنَّ اللهَ لعنَ الخمر وشارِبها، وعاصِرها وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها ومُشتريها، كل ذلك ملعونٌ على لسان محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-.
ومِنَ التعاون على الإثم والعدوان: التعاون ضد ولاة الأمر، وضد مشاريع الدولة، وضد أمنها واستقرارها، فالتعاون مع الأعداء؛ سواء كانوا في الداخل أو في الخارج،
ومِنَ التعاون على الإثم والعدوان: التعاون على تعطيل شرع الله، والتعاون بوسائل الإعلام السيئة على بثِّ الشُّبَه والأباطيل ضد الإسلام وتعاليمِهِ؛
هذا وصلى الله على رسوله محمد وأقول قولي هذا أستغفر الله عليه لي ولكم
الدعاء: اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِكَ ورسُولِكَ مُحمَّد، وارضَ اللهم عن خلفائِهِ الرَّاشدين الأئمة المهديين؛ أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين، وعنَّا معهم بعفوك وكرَمِك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين. اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمُشْرِكين، ودَمِّر أعداءَ الدِّين، وانصُر عِبادك المُوَحِّدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنًا مُطمئنًا وسائر بلاد المُسلمين يا رب العالمين. اللهم آمِنَّا في أوطاننا، ووَفِّق ولاة أمرنا لِمَا تحب وترضى، اللهم وَفِّق إمامنا إمام المُسلمين سلمان لكل خير، اللهم أَمِدَّهُ بالصحةِ والعافية، اللهم قوِّ سمعه وبصره وعقله، واحفظه مِنْ كل سوءٍ وأعِنهُ على كل خير، إنَّك على كل شيء قدير.