Deprecated: Function WP_Dependencies->add_data() was called with an argument that is deprecated since version 6.9.0! IE conditional comments are ignored by all supported browsers. in /home/tmcngnet/public_html/wp-includes/functions.php on line 6131

خُطْبَةُ عِيدِ الْأَضْحَى الْمُبارك للعام 1446 هـ(2025م)

بسم اللهِ الرّحمن الرّحيم

خُطْبَةُ عِيدِ الْأَضْحَى الْمُبارك للعام 1446 هـ(2025م)

بتأريخ 10\12\1446هـ _ 6\6\2025م

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ

أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ: فَاتُّقُوا اللَّه ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا ‌قَوْلًا ‌سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71]،

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَإِلَهَ إِلاَّ الله، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وللهِ ِالْحَمْدُ، الْحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وسُبْحَانَ اَللَّهِ بِكُرَةٍ وَأَصِيلاً،

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، كُلَّمَا أَهْلَّ عَلَيْنَا عِيدُ الْأَضْحَى الْمُبَارَكِ بِذِكْرَيَاتِهِ، وَمَوَاعِظِهِ، وَمَقَاصِدِهِ، وَأَهْدَافِهِ الْعُلْيَ.

فَمِنْ مَقَاصِدِهِ؛ إِقَامَةُ ذِكْرِ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى:﴿ ‌وَيَذْكُرُوا ‌اسْمَ ‌اللَّهِ ‌فِي ‌أَيَّامٍ ‌مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ‌وَاذْكُرُوا ‌اللَّهَ ‌فِي ‌أَيَّامٍ ‌مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]. وَمِنْ مَقَاصِدِهِ؛ اِتِّبَاعُ سُنَّةِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، وَكَانَ يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ وَاضِعًا عَلَى صِفَاحِهِمَا قَدَمَهُ” (رواه أحمد)

        اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ.

 وَمِنْ مَقَاصِدِهِ؛ إِحْيَاءُ ذِكْرَى الْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَدْ رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّهُ يَذْبَحُ اِبْنَهُ الْبِكْرُ مِنْ هَاجَرَ- وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ حَقٌّ وَوَحْيٌ- فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَاهُ وَقَالَ: ﴿ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ‌مَاذَا ‌تَرَى ﴾ [الصافات: 102]، وَرَدَّ الْوَلَدُ بِلَهْجَةِ الصَّابِرِ الْمُحْتَسِبِ الْمُطَمْئِنِ الْمُؤْمِنِ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، فَقَالَ:﴿ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102]، فَأَسْلَمَ رَقَبَتَهُ لِأَبِيهِ، وَأَمْسَكَ الْأَبُ بِالسِّكِّينِ تَنْفِيذًا لِأَمْرِ رَبِّهِ، وَتَضْحِيَةً بِفَلْذَةِ كَبِدِهِ، فَلَمَّا نَجَحَ الْأَبُ وَالِابْنُ فِي الِاخْتِبَارِ وَالِامْتِحَانِ، نَادَاهُ مَوْلَاهُ ﴿ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ ‌قَدْ ‌صَدَّقْتَ ‌الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصافات: 104-111]. هَذَا هُوَ الْإِيمَانُ الْحَقِيقِيُّ؛ عِلْمٌ وَعَمِلَ، وَهَذِهِ هِيَ التَّضْحِيَةُ الْحَقِيقِيَّةُ نَتَعَلَّمُ مِنْهَا التَّضْحِيَةَ بِالْغَالِي وَالنَّفِيسِ، التَّضْحِيَةَ بِالنَّفْسِ وَاسْتِرْخَاصِ الْأَرْوَاحِ، التَّضْحِيَةَ بِالْوَقْتِ وَالْمَالِ، مِنْ أَجْلِ هَذَا الدِّينِ وَنَشْرِهِ فِي اَلْآفَاقِ. كُلٌّ مِنْ مَوْقِعِهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْدُمَ الْإِسْلَامَ؛ فِي عِلْمٍ يُتْقِنُهُ وَيَنْشُرُهُ أَوْ لُغَةً يُتْقِنُهَا وَيَدْعُو بِهَا أَوْ مِهْنَةً أَوْ صَنْعَةً يَمْهَرُ فِيهَا أَوْ خِبْرَةً يُعَلِّمُهَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم” لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا” (رواه مسلم)

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، مَا اِجْتَمَعْنَا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَحُبِّهِ وَطَاعَتِهِ إِيمَانًا بِهِ، وَاحْتِسَابًا لِوَجْهِهِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، مَا هَوَتِ الْقُلُوبُ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، فَأَتَاهُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ ‌مِنْ ‌كُلِّ ‌فَجٍّ ‌عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 27-28]. اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، مَا طَافَ طَائِفٌ حَوْلَ الْبَيْتِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، مَا سَعَى سَاعٍ بَيْنَ الصَّفَا وَاَلْمَرْوَةَ ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، مَا وَقَفَ وَاقِفٌ عَلَى صَعِيدِ عَرَفَاتٍ يَتَذَكَّرُونَ الْوُقُوفَ الْأَعْظَمَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ، اللَّهُ أَكْبَرُ مَا نَحَرَ الْمُسْلِمُونَ أَضَاحِيَّهُمْ طَاعَةً لِرَبِّهِمْ وَإِحْيَاءً لِشَعَائِرِهِ، ﴿ ‌ذَلِكَ ‌وَمَنْ ‌يُعَظِّمْ ‌شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، مَا تَزَاوَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْكَرِيمِ وَقَدَّمَ غَنِيُّهُمْ لِفَقِيرِهِمْ، وَصَحِيحُهُمْ لِمَرِيضِهِمْ، وَقَوِيُّهُمْ لِضَعِيفِهِمْ مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ وَيَصْلُحُ بِهِ بَالُهُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْكُمْ بَعْدَ أَدَاءِ صَلَاةِ عِيدِكُمْ مِنْ وَاجِبَاتِ وَآدَابِ وَسُنَنِ يَوْمِكُمْ هَذَا:

أَوَّلاً؛ التَّهْنِئَةُ: تُهَنِّئْ إِخْوَانَكَ بِالْعِيدِ بِأَيِّ صِيغَةٍ مَعْرُوفَةٍ، وَمِنْهَا: ” تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ (رواه البيهقي)

ثَانِيَّاً؛ مُخَالَفَةُ الطَّريقِ: عِندَ رُجُوعِكُمْ إِلَى مَنَازِلِكُمْ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ(رواه البخاري)، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا لِثُبُوتِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (بداية المجتهد ونهاية المقتصد: 1/233)  وَمِنَ الْحِكَمِ فِي ذَلِكَ: أَنْ يَشْهَدَ لَهُ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ مِنْ شَجَرٍ وَحَجَرٍ، أَوْ أَنْ يُلَاقِيَ الْإِخْوَةَ لِلتَّهْنِئَةِ وَالصِّلَةِ وَغَيْرِهَا

ثَالثَاً؛ التَّفَرُّغُ لِنَحْرِ أَضَاحِيكُمْ: لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ” مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فإنَّما ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، ومَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ“( رواه البخاري)، وعند المالكية-من ذبح قبل الإمام فليعد لقوله: “لا يذبحنَّ أحدٌ حتى نصلي” (أحمد) وَاسْتَحْضَرُوا الْإِخْلَاصَ وَإِرَادَةَ وَجْهِ اللَّهِ بِذَبِيحَتِكُمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ ‌وَمَمَاتِي ‌لِلَّهِ ‌رَبِّ ‌الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]، وَقَالَ: ﴿ ‌فَصَلِّ ‌لِرَبِّكَ ‌وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2].

وَاسْتَحْضَرُوا آدَابَ اَلذَّبْحِ وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بِالْيُمْنَى وَبِآلَةٍ حَادَّةٍ، وَإِحْدَادُ السِّكِّينِ بَعِيدًا عَنْ أَعْيُنِ الْبَهِيمَةِ، وَأَنْ تَسُوقَ الذَّبِيحَةَ إِلَى مَذْبَحِهَا بِرِفْقٍ؛ وَتَجَنُّبِ جَرِّهَا بِالْعُنْفِ، أَوِ الضَّرْبِ، وَأَنْ تَعَرِضَ عَلَيْهَا الْمَاءَ قَبْلَ الذَّبْحِ؛ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ عَطْشَانَةً فَتَشَرَبَ، وَأَنْ تُضْجِعَهَا عَلَى شِقِّهَا الْأَيْمَنِ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَأَنْ تُسَمِّيَ اللهَ قَبْلَ الذَّبْحِ، قَالَ تَعاَلَى: ﴿ ‌فَكُلُوا ‌مِمَّا ‌ذُكِرَ ‌اسْمُ ‌اللَّهِ ‌عَلَيْهِ ‌إِنْ ‌كُنْتُمْ ‌بِآيَاتِهِ ‌مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 118]، مَاذَا أَقُولُ؟ أَقُولُ: ” بِسْمِ اللَّه ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ، هَذَا عَنِّي“. وَإِذَا وَكَلّكَ شَخْصٌ؛ فَقَلْ: ” هَذَا عَنْ فُلَانٍ، وَإِذَا لَمْ تَقُلْ فَإِنَّ النِّيَّةَ تَكْفِي. وَمِنَ الْآدَابِ أَلَّا تَقْطَعَ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى تَبْرُدَ، وَتُزْهَقَ رُوحُهَا. وَأَلَّا تَذْبَحَ بَهِيمَةً أَمَامَ أُخْرَى. وَمِنْ الْآدَابِ الْمُسْتَحَبَّةِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْهَا الثُّلْثَ، وَأَنْ تَهْدِيَ الثُّلْثَ لِلْأَغْنِيَاءِ، وَأَنْ تُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ الثُّلْثَ؛ وَأُخِذَ هَذَا اَلْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ‌فَكُلُوا ‌مِنْهَا ‌وَأَطْعِمُوا ‌الْقَانِعَ ‌وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36]، فَقَولُهُ: ﴿ ‌فَكُلُوا ‌مِنْهَا ﴾، أَيْ: يَأْكُلَ جُزْءًا مِنْهَا، وَقَوْلُهُ: ﴿ ‌وَأَطْعِمُوا ‌الْقَانِعَ ﴾ وَهُوَ الْمِسْكِينُ السَّائِلُ، وَهَذَا جُزْءٌ ثَانٍ، وَقَولُهُ: ﴿ ‌وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36]، أَيْ: الَّذِي لَمْ يَسْأَلْ فَتَهْدِي إِلَيْهِ، فَجَعَلَهَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ كَانَ لَا تُشْتَرَطُ الْقِسْمَةُ الثُلَاثِيَّةُ بِالْعَدْلِ، فَقَدْ يَقِلُّ نَصِيبُكَ وَتَتَصَدَّقُ بِأَكْثَر، وَقَدْ يَكُونُ الْعَكْسُ. وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْأَمْرُ وَاسِعٌ فَبِإِمْكَانِكَ: أَنْ تَتَصَدَّقَ بِهَا كُلُّهَا، وَبِإِمْكَانِكَ أَنْ تَدَّخِرَ مِنْهَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى يُسْرِ الْإِسْلَامِ. وَنُنَبِّهُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ إِعْطَاءِ الْجَازِرِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ، عَلَى أَسَاسِ ثَمَنِ الْخِدْمَةِ، وَلَا بَيْعَ جُلُودِ الْأَضَاحِيِّ، لِنَهْيِ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم عَن ذَلِكَ، عَن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: ” أَمَرَنِي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ علَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا (أي: ما يُطرح على ظهر البَعير من كساء ونحوه)، وَأَنْ لا أُعْطِيَ الجَزَّارَ منها، قالَنَحْنُ نُعْطِيهِ مِن عِندِنَا(رواه مسلم). اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ.

رَابِعَاً؛ التَّوْسِعَةُ عَلَى الْأَهْلِ وَالْعِيَالِ: وَإِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ مِنَ اللَّهْوِ الْمُبَاحِ مَعَ اِحْتِرَامِ الضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ، لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ

خَامِسَاً؛ صِلَةُ الأَرْحَامِ يَجِبُ اسْتِغْلَالُ فُرْصَةَ الْعِيدِ لِصِلَةِ الْأَقَارِبِ وَالِاتِّصَالِ بِهِمْ سَوَاءٌ بِالزِّيَارَةِ الْمُبَاشِرَةِ أَوِ الِاتِّصَالِ بِالْهَاتِفِ وَغَيْرِهِ مِنْ وَسَائِلِ الِاتِّصَالِ الْحَدِيثَةِ، لِمَا وَرَدَ مِنْ فَضْلِ صِلَةِ الرَّحِمِ وَالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي قَطْعِهَا.

عِبَادَ اللهِ، اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ: السَّنَوِيُّ وَالأُسْبُوعِيُّ، وَهُمَا عِيدُ الأَضْحَى وَيَوْمُ الجُمُعَةِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فُقَهَاءُ الأُمَّةِ اخْتِلَافًا كَبِيرًا، وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ يُنْبَغِي لِمَنْ صَلَّى الْعِيدَ أَنْ يُصَلِّيَ الجُمُعَةَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ العُلَمَاءِ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِسُقُوطِ الجُمُعَةِ عَمَّنْ صَلَّى العِيدَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الظُّهْرِ.

كارثة السيول في ماكوا (Mokwa)

عِبَادَ اللهِ المُؤْمِنُونَ، بِمُنَاسَبَةِ العِيدِ، وَفِي ظِلِّ الحُزْنِ الَّذِي يُخَيِّمُ عَلَى قُلُوبِنَا لِمَا أَصَابَ إِخْوَانَنَا فِي مِنْطَقَةِ مَاكُوَا (Mokwa) – وِلَايَةِ نَيْجَرَ (Niger State) مِنْ سُيُولٍ جَارِفَةٍ وَفَيَضَانَاتٍ مُدَمِّرَةٍ، نَقِفُ الْيَوْمَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ مَوْقِفَ الْمُوَاسَاةِ وَالتَّضَامُنِ.

لَقَدْ تَابَعَ العَالَمُ الإِسْلَامِيُّ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ فَاجِعَةٍ أَلِيمَةٍ، رَاحَ ضَحِيَّتَهَا أَرْوَاحٌ بَرِيئَةٌ، وَهُدِمَتْ فِيهَا البُيُوتُ، وَتَشَرَّدَتِ الأُسَرُ، وَتَلِفَتِ المَحَاصِيلُ وَالمُمْتَلَكَاتُ، وَإِنَّهَا وَاللهِ لَمُصِيبَةٌ عَظِيمَةٌ فِي وَقْتٍ يُفْتَرَضُ أَنْ تَكْتَمِلَ فِيهِ أَفْرَاحُ العِيدِ.
لَكِنَّنَا نُوَاسِي أَنْفُسَنَا وَإِيَّاهُمْ بِأَنَّ العِيدَ، رَغْمَ الحُزْنِ، هُوَ مُنَاسَبَةٌ لِتَجْدِيدِ الأَمَلِ، وَتَقْوِيَةِ الصَّبْرِ، وَتَفْعِيلِ رُوحِ التَّعَاوُنِ، وَالسَّعْيِ لِرَفْعِ المُعَانَاةِ عَنِ المَنْكُوبِينَ.
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَهْلِنَا هُنَاكَ، وَيَجْبُرَ كَسْرَهُمْ، وَيَرْفَعَ عَنْهُمُ البَلَاءَ، وَأَنْ يَتَقَبَّلَ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ فِي الشُّهَدَاءِ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِنَّ المَصَائِبَ وَالكَوَارِثَ لَيْسَتْ خَالِيَةً مِنَ الحِكَمِ الرَّبَّانِيَّةِ، فَهِيَ ابْتِلَاءٌ مِنَ اللهِ، وَاخْتِبَارٌ لِصَبْرِنَا وَشُكْرِنَا وَتَضَامُنِنَا، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ (البقرة: 155) وَإِنَّ مِنْ دَلَائِلِ الإِيمَانِ أَنْ نَقِفَ وَقْفَةً صَادِقَةً فِي مِثْلِ هَذِهِ النَّوَازِلِ، فَنُوَاسِيَ الْمَكْلُوم، وَنَدْعُوَ لِلْمُصَابِ، وَنَتَصَدَّقَ عَلَى الْمُحْتَاجِ، وَنَتَكَاتَفَ جَمِيعًا فِي رَفْعِ الضَّرَرِ، وَمُسَاعَدَةِ المَنْكُوبِينَ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى (رواه مسلم)

فَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ هَذَا المَعْنَى؟ أَيْنَ مُؤَسَّسَاتُ الإِغَاثَةِ؟ أَيْنَ أَهْلُ الخَيْرِ؟ أَيْنَ أَبْنَاءُ الحَيِّ وَالمُجْتَمَعِ وَالوِلاَيَةِ، بَلْ وَالدَّوْلَةُ؟
إِنَّ وَاجِبَ الوَقْتِ الآنَ هُوَ مَدُّ يَدِ العَوْنِ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ مُمْكِنَةٍ.

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ مَسْؤُولِيَّتَنَا أَمَامَ هَذِهِ الكَارِثَةِ لَا تَتَوَقَّفُ عِنْدَ البُكَاءِ وَالدُّعَاءِ، بَلْ يَجِبُ أَنْ نُتَرْجِمَ مَشَاعِرَنَا إِلَى أَفْعَالٍ.
فَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَتَكُونُ سَبَبًا فِي رَفْعِ البَلَاءِ، قَالَ ﷺ: دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ” (رواه الطبراني)
كَمَا يَجِبُ عَلَى المَسْؤُولِينَ وَالْمَعْنِيِّينَ أَنْ يُسَارِعُوا فِي اتِّخَاذِ التَّدَابِيرِ العَاجِلَةِ لِإِيوَاءِ المُتَضَرِّرِينَ، وَتَوْفِيرِ الغِذَاءِ وَالْمَاءِ وَالعِلَاجِ، وَالتَّخْطِيطِ الطَّوِيلِ لِتَقْلِيلِ أَضْرَارِ السُّيُولِ مُسْتَقْبَلًا.

بارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفَرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِية:

الحمد لله ربّ العالمين القائل في كتابه العزيز: ﴿ولْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران 104) والصلاة والسلام على البشير النذير وآله وصحبه ومن والاهم.

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ للهِ، الْحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وسُبْحَانَ اَللَّهِ بِكُرَةٍ وَأَصِيلاً، واللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا

محاربة الأفكار الضالة

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، ظَهَرَتْ فِي الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ فِتْنَةُ جَمَاعَةٍ شِرْكِيَّةٍ ضَالَّةٍ مُضِلَّةٍ، الْمُسَمَّاةِ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ (RMQK) اخْتِصَارًا، وَتُمَثِّلُ أَسْمَاءَ أَرْبَعَةٍ مِنَ الْجِنِّ أَوِ الأَرْوَاحِ كَمَا يَدَّعِيهِ، وَهُمْ: رَوْقِيَائِيل، مَرْقَطِيَائِيل، قِيقِيَائِيل، وَكَشْفِيَائِيل – وَمَقَرُّهَا فِي مَدِينَةِ أَبِيُوكُوتَا، بِوِلاَيَةِ أَوْغُونْ فِي نِيجِيرْيَا، وَتَأَسَّسَتْ عَلَى يَدِ رَجُلٍ يُدْعَى مَعْرُوف أَبَوْلَادَي صَلَاحِ الدِّينِ أَدَاجُونْجَا، الْمُلَقَّبِ عِنْدَ أَتْبَاعِهِ بِ‍ “الرُّوحِ الأَكْبَرِ” (Emi Agba). تَدَّعِي الرُّوحَانِيَّةَ وَالْعِلْمَ الْبَاطِنِيَّ، وَتَتَسَتَّرُ بِسِتَارِ الإِسْلَامِ وَالدِّينِ، وَهِيَ مِنْهُ بَرَاءٌ، وَهِيَ جَمَاعَةٌ تَدَّعِي التَّوَاصُلَ مَعَ الْجِنِّ، وَتَسْتَحْضِرُهُمْ فِي جَلَسَاتِهِمْ، وَتَزْعُمُ أَنَّهَا تَمْلِكُ مَفَاتِيحَ الْغَيْبِ وَالْعِلَاجَ وَالْبَرَكَةَ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾ (الأنعام: ٥٩)

يَا عِبَادَ اللهِ، إِنَّ التَّوَاصُلَ مَعَ الْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ وَطَلَبَ الْعَوْنِ مِنْهُمْ مِنَ الشِّرْكِ الأَكْبَرِ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ (الجن: ٦). وَإِنَّ أَعْظَمَ مَا يَجِبُ عَلَيْنَا تُجَاهَ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ الضَّالَّةِ (RMQK) وَأَمْثَالِهَا هُوَ: (1) مِنْ وَاجِبِ الْعُلَمَاءِ التَّحْذِيرُ مِنْهَا وَمِنْ ضَلَالِهَا، وَعَدَمُ السُّكُوتِ عَلَى أَبَاطِيلِهَا. (2) نَشْرُ الْعِلْمِ الصَّحِيحِ وَالتَّوْحِيدِ النَّقِيِّ بَيْنَ النَّاسِ (3) دَعْمُ الْعُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ الرَّبَّانِيِّينَ، وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِمْ عِنْدَ الْفِتَنِ (4) عَدَمُ الِاغْتِرَارِ بِالْمَظَاهِرِ الْخَادِعَةِ وَالشِّعَارَاتِ الزَّائِفَةِ الَّتِي تَرْفَعُهَا هَذِهِ الْجَمَاعَاتُ.

عِبَادَ اللهِ:  فِي غَمْرَةِ فَرَحِكُمْ بِيَوْمِ عِيدِكُمْ، فَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ عِيدَنَا نَاقِصٌ إِذَا نَسِينَا غَزَّةَ وَهِيَ فِي التَّشْرِيدِ وَالدَّمَارِ فلَا تَنْسْوَا إِخْوَانَكُمْ فِي غزة وفِلَسْطِينَ مِنْ دُعَائِكُمْ وَتَضَامُنِكُمْ، وَتَعْرِيفِ الْأَجْيَالِ بِعَدَالَةِ قَضِيَّتِهِمْ فَقَدْ سُفِكَتْ مِنْهُمُ الدِّمَاءُ، وَأَثْقَلَتْهُمُ الْجِرَاحُ، وَهَدَّهُمُ الْجُوعُ، وَتَخَلَّى عَنْهُمُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، فَأَخْرِجُوا لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِكُمْ مَا تُكَافِئُونَ بِهِ أَطْفَالًا بِلَا أَلْعَابٍ وَلَا ثِيَابٍ، وَلَا عُيُونٍ تَرْقُصُ فَرَحًا قَالَ تَعَالَى: ﴿ ‌إِنَّمَا ‌الْمُؤْمِنُونَ ‌إِخْوَةٌ ﴾ (الحجرات: 10) وَقَالَ  ” مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى(رواه مسلم)، فَوَجَبَ عَلَيْنَا لَهُمْ حَقُّ النُّصْرَةِ كُلٌّ حَسَبَ طَاقَتِهِ وَوُسْعِهِ. (AQSAH CONCEPTS, 0005125108, JAIZ BANK)

تَحَدِّيَاتُ وَطَنِنَا نيجيريا والْحلُّ الْإِسْلامِي

عِبَادَ اللهِ، نَعِيشُ فِي وَطَنٍ عَزِيزٍ، هُوَ نِيجِيرِيَا، هَذَا الْبَلَدُ الَّذِي حَبَاهُ اللهُ بِثَرَوَاتٍ عَظِيمَةٍ، وَمَوَارِدَ مُتَنَوِّعَةٍ، وَشَعْبٍ كَرِيمٍ مُتَدَيِّنٍ، وَلَكِنْ رَغْمَ هَذِهِ النِّعَمِ، لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مَا يَمُرُّ بِهِ مِنْ تَحَدِّيَاتٍ جِسَامٍ فِي مُخْتَلَفِ الْمَجَالَاتِ: مِنْ بَطَالَةٍ مُتَزَايِدَةٍ، وَفَقْرٍ مُدْقِعٍ، وَغَلَاءِ مَعِيشَةٍ، وَضَعْفٍ فِي الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ، وَتَرَدٍّ فِي التَّعْلِيمِ وَالصِّحَّةِ، نَاهِيكَ عَنِ الْفَسَادِ الْإِدَارِيِّ وَالْمَالِيِّ، وَالِاضْطِرَابَاتِ الْأَمْنِيَّةِ مِنْ سَرِقَاتٍ، وَخَطْفٍ، وَتَعَدٍّ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ التَّحَدِّيَاتُ لَيْسَتْ مُسْتَعْصِيَةً عَلَى الْحَلِّ، بَلْ إِنَّ دِينَنَا الْعَظِيمَ – دِينَ الْإِسْلَامِ – جَاءَ بِمَنْهَجٍ مُتَكَامِلٍ يُعَالِجُ مِثْلَ هَذِهِ الْأَزَمَاتِ بِمَنْظُورٍ رَبَّانِيٍّ عَادِلٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: ٨٩]. إِنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَكْتَفِي بِالنُّصْحِ الرُّوحِيِّ، بَلْ يَمْتَدُّ لِيَضَعَ أُسُسَ الْإِصْلَاحِ السِّيَاسِيِّ، وَالِاقْتِصَادِيِّ، وَالِاجْتِمَاعِيِّ. وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الْحُلُولِ الْإِسْلَامِيَّةِ لِمُشْكِلَاتِ بَلَدِنَا: ١. مُكَافَحَةُ الْفَسَادِ بِالْأَمَانَةِ وَالْمُحَاسَبَةِ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. فَلَا صَلَاحَ لِأُمَّةٍ يُخَانُ فِيهَا الْأَمَانَةُ، وَيَغِيبُ فِيهَا الْحِسَابُ. ٢. تَحْقِيقُ الْعَدَالَةِ الْاجْتِمَاعِيَّةِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ [النحل: ٩٠]. الْعَدْلُ هُوَ أَسَاسُ اسْتِقْرَارِ الدُّوَلِ، وَبِهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وَتَنْمُو الْمُجْتَمَعَاتُ. ٣. إِحْيَاءُ الزَّكَاةِ وَالْوَقْفِ وَالتَّكَافُلِ: مِنْ أَعْظَمِ الْحُلُولِ الْإِسْلَامِيَّةِ لِلْفَقْرِ وَالْبَطَالَةِ، الزَّكَاةُ الَّتِي هِيَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ، وَالَّتِي تَهْدِفُ إِلَى تَوْزِيعِ الثَّرْوَةِ بِعَدَالَةٍ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ. ٤. تَطْبِيقُ التَّعْلِيمِ الْإِسْلَامِيِّ وَالْقِيَمِيِّ: نَحْتَاجُ إِلَى بِنَاءِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْقِيَمِ الْعَالِيَةِ، فَبِالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ تُبْنَى الْأَوْطَانُ والأَجْيَالِ وَتَزْدَهِرُ.

عِبَادَ اللهِ، فَمِنْ بَابِ الإِنْصَافِ وَالْعَدْلِ أَنْ نُشِيدَ بِبَعْضِ الْجُهُودِ الإِيجَابِيَّةِ، فَقَدْ أَعْلَنَتِ الْحُكُومَةُ الْفِيدِرَالِيَّةُ مُؤَخَّرًا سَدَادَ جَمِيعِ الْقُرُوضِ الَّتِي اسْتَقْرَضَتْهَا مِنَ الْمُنَظَّمَةِ الْمَالِيَّةِ الْعَالَمِيَّةِ بِالْكَامِلِ، مَبْلَغَ 3.4 مِلْيَارِ دُولَارٍ أَمْرِيكِيٍّ، الَّذِي حَصَلَتْ عَلَيْهِ كَدَعْمٍ مَالِيٍّ خِلَالَ جَائِحَةِ كُوفِيد-19، وَهَذَا يُعَدُّ خُطْوَةً مُوَفَّقَةً نَحْوَ التَّخَلُّصِ مِنَ التَّبَعِيَّةِ الِاقْتِصَادِيَّةِ، وَالتَّحَرُّرِ مِنْ ضَغْطِ الدُّيُونِ الْخَارِجِيَّةِ

لَكِنَّنَا – كَمُسْلِمِينَ – لَا بُدَّ أَنْ نُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْقُرُوضَ الرِّبَوِيَّةَ وَإِنْ ظَهَرَتْ فَائِدَتُهَا الْمُؤَقَّتَةُ، فَإِنَّ عَوَاقِبَهَا وَخِيمَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٧٨]. وَقَالَ ﷺ: “درْهَمُ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَشَدُّ عِنْدَ اللهِ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ زَنِيَةً” [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. فَالرِّبَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ سَخَطِ اللهِ، وَانْهِيَارِ الْبَرَكَةِ فِي الْمَالِ وَالِاقْتِصَادِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ وَاجِبَنَا تُجَاهَ وَطَنِنَا نَيْجِيرِيَا أَنْ نَكُونَ عَنَاصِرَ إِصْلَاحٍ لَا فَسَادٍ، وَأَنْ نَنْشُرَ الْقِيَمَ لَا الرَّذِيلَةَ، وَأَنْ نُرَبِّيَ أَبْنَاءَنَا عَلَى حُبِّ اللَّهِ وَالْوَطَنِ، وَأَنْ نَحْرِصَ عَلَى أَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِي كُلِّ مَوْقِعٍ، وَإِكْرَامِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، كَمَا نَغْتَنِمُ الْفُرْصَةَ لِلدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِينَ مِنْهُمْ فِي عَامِنَا هَذَا، أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، وَأَنْ يُبْقِيَ آثَارَهُمْ الصَّالِحَةَ، كالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّشِيدِ هَدْيَة اللَّهِ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّشِيدِ بُوَيْب، وَالشَّيْخِ قَمَرِ الدِّينِ آجَالَا، والشيخ قَاسِم دُرَوْجَيَيْ وَغَيْرِهِمْ كَثِيرٍ.

عباد الله، وَفِي خِتَامِ هَذِهِ الْخُطْبَةِ، نُوَجِّهُ وَصِيَّةً خَاصَّةً إِلَى النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ: أَيَّتُهَا الْأُخْتُ الْكَرِيمَةُ، إِنَّكِ عِمَادُ الْبَيْتِ، وَمَدْرَسَةُ الْأَجْيَالِ، فَاتَّقِي اللهَ فِي لِبَاسِكِ، وَحِجَابِكِ، وَأَخْلَاقِكِ وَدِينِكِ، وَكُونِي قُدْوَةً فِي الْعِفَّةِ وَالْحَيَاءِ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ” (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وابتعِدِي عن مُقابلة إحسان الزوج بالجُحود والكُفران وعدمِ الشُّكر، واحفظِي جميله عليك دون نسيان ما استطَعْت” قال ﷺ: إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحجَّتْ بَيْتَ ربِّهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا ِقيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيّ أبْوَابِهَا شِئْتِ“{ أخرجه أحمد والطبرانى}.

الدُّعَاءُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِمَوْتَانَا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَأَدْخِلْهُمْ فَسِيحَ جَنَّتِكَ، وفَرِّجْ عَنْ إِخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي فِلَسْطِينَ، اللّٰهُمَّ كُنْ لَهُمْ وَلِيًّا وَنَصِيرًا، وَسَنَدًا وَظَهِيرًا، وَمُعِينًا وَمُجِيرًا، اللّٰهُمَّ عَلَيْكَ بِالصَّهَايِنَةِ الْمُعْتَدِينَ، فَإِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَكَ. اللّٰهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَنَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَنَسْأَلُكَ حُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَنَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا، وَنَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. اللّٰهُمَّ كُنْ مَعَ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، اللّٰهُمَّ أَرِهِمُ الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْهُمُ اتِّبَاعَهُ، وَأَرِهِمُ الْبَاطِلَ بَاطِلًا وَارْزُقْهُمُ اجْتِنَابَهُ، اللّٰهُمَّ اجْعَلْ حَجَّهُمْ حَجًّا مَبْرُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا، وَرُدَّهُمْ بَعْدَ إِكْمَالِ أَعْمَالِهِمْ إِلَى أَهْلِهِمْ سَالِمِينَ، مَغْفُورِينَ لَهُمْ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ. اللّٰهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَادْفَعْ عَنَّا الْفِتَنَ وَالشُّرُورَ، وَأَصْلِحْ لَنَا وُلَاةَ أُمُورِنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ أُولِيَاءَ أُمُورِنَا، وَحَقِّقِ الْأَمْنَ وَالِاسْتِقْرَارَ فِي بِلَادِنَا، اللّٰهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ،  وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللّٰهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَاسْتَجِبْ دُعَاءَنَا، إِنَّكَ أَنْتَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ.

Scroll to Top