ضرورة الإقتداء بالرسول في جميع الأحوال والمعاملات .

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الثالثة لشهر ربيع الأوّل بتأريخ 19 ربيع الأول 1447ه  الموافق ب‍‍‍‍ (12\9\2025م)

حول: ضرورة الإقتداء بالرسول في جميع الأحوال والمعاملات

الخطبة الأولى

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، نحمدُهُ سبحانه وتعالى ونشكرُه، ونستعينُه ونستهديه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه. مَن يَهدهِ اللهُ فهو المهتدي، ومَن يُضلل فلن تجدَ له وليًّا مرشدًا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه.اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى كل مَنِ اتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمّا بعد،
فعبادَ الله، أوصيكم ونفسي المقصّرة أولًا بتقوى الله عز وجل سرًّا وجهرًا، إذ هي الغاية المقصودة من جميع الطاعات وكافة المأمورات والمنهيات. قال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: 21).

إن من المعلوم أن القدوة الحسنة هي الركيزة الأساسية في المجتمع، بل هي ضرورة لا بدّ منها في الحياة؛ لأنها تجسّد المثل العليا ليحتذي بها الإنسان، ويكتسب منها المعالم الإيجابية والقيم السامية والأخلاق العالية، لتكون حياتُه طيبة راقية سواء مع الله تعالى في أداء العبادات والفرائض، أو مع النفس وتزكيتها وتدريبها على الأخلاق الفاضلة، أو مع الأهل والأولاد من أجل بناء أسرة متماسكة، أو مع المجتمع من حوله في أمور الدين والدنيا،
وخيرُ قدوة هو سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ (الأحزاب: 21).
وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم: 4).

وَنَجِدُ حَديثَ عائِشَةَ المَشهورَ عَلَى الأَلْسِنَةِ، قَدْ لَخَّصَ لَنَا خُلُقَ النَّبِيِّ ﷺ: قالَ سَعْدُ بْنُ عامِرٍ لِأُمِّ المُؤمِنينَ عائِشَةَ رضيَ اللهُ عنها: يا أُمَّ المُؤمِنينَ، أنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ الله قالتْ: ألَسْتَ تَقْرَأُ القُرآنَ؟ قلتُ: بَلَى. قالتْ: فإنَّ خُلُقَ نَبِيِّ الله القُرآنُ. )أحمد 24269- صحيح كما قال مُحَقِّقو الموسوعة الحديثية)

وَهَذِهِ الخَاصِّيَةُ تُعْطِي الأَخْلَاقَ الإِسْلَامِيَّةَ قِيمَةَ التَّفَرُّدِ وَالخُلُودِ؛ لأَنَّ البَارِي تَكَفَّلَ بِحِفْظِ مَصْدَرِ هَذِهِ القِيَمِ الأَخْلَاقِيَّةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

قَدِ اسْتَجْمَعَ فِي هَذَا النَّبِيِّ الكَرِيمِ ﷺ أَعْلَى قِمَمِ السُّلُوكِ البَشَرِيِّ، فَكَانَ الإِنْسَانَ الوَحِيدَ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ القُدْوَةَ العُلْيَا لِلْبَشَرِ فِي أَخْلَاقِهِ، وَشَمَائِلِهِ، وَمُعَامَلاتِهِ، وَفِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ؛ حَيْثُ يَجِدُ المُسْلِمُ فِي سِيرَتِهِ المُبَارَكَةِ الأُسْوَةَ وَالقُدْرَةَ، وَالنُّورَ الَّذِي يُسْتَضَاءُ بِهِ فِي ظُلُمَاتِ الحَيَاةِ، وَالمَثَلَ الأَعْلَى الَّذِي يُوصِلُهُ إِلَى الأَمْنِ وَالسَّعَادَةِ الأَبَدِيَّةِ.

وَإِنَّ قَارِئَ سِيرَةِ الرَّسُولِ ﷺ يَجِدُ فِيهَا أَنَّهُ ﷺ كَانَ ذَلِكَ الشَّابَّ العَفِيفَ المُسْتَقِيمَ، الصَّادِقَ الأَمِين، الَّذِي عُرِفَ فِي قَوْمِهِ قَبْلَ بَعْثَتِهِ وَبَعْدَهَا بِالأَخْلَاقِ الفَاضِلَةِ، وَالشَّمَائِلِ الكَرِيمَةِ، وَكَانَ أَفْضَلَ قَوْمِهِ مُرُوءَةً، وَأَحْسَنَهُمْ خُلُقًا،
وَأَصْدَقَهُمْ حَدِيثًا، وَأَعَفَّهُمْ نَفْسًا، وَأَوْفَاهُمْ عَهْدًا. كَمَا يَجِدُ فِيهَا أَنَّهُ ﷺ الصَّاحِبُ الَّذِي يُحِبُّ أَصْحَابَهُ وَيُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، وَيَتَوَاضَعُ مَعَهُمْ، وَيُجِيبُ دَعْوَتَهُمْ، وَيَزُورُ مَرْضَاهُمْ، وَيَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ، وَيَدْعُو لَهُمْ وَلأَبْنَائِهِمْ بِالخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، وَيُمَازِحُهُمْ وَيُدَاعِبُهُمْ، وَيَشْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَيَقْضِي حَوَائِجَهُمْ، وَيُؤَلِّفُهُمْ وَلا يُنَفِّرُهُمْ، وَيَهْتَمُّ بِهِمْ، وَيُشَارِكُهُمْ آلاَمَهُمْ وَآمَالَهُمْ، وَيَشْعُرُ بِأَحْزَانِهِمْ، وَيُخَفِّفُهَا عَنْهُمْ، وَيُحَوِّلُ أَلَمَهُمْ أَمَلًا، وَمِحْنَتَهُمْ مِحْنَةً.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159].

لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ صُورَةً حَيَّةً لِأَخْلَاقِ وَتَعَالِيمِ الإِسْلَامِ السَّامِيَةِ، رَأَى النَّاسُ فِيهِ الإِسْلَامَ رَأْيَ العَيْنِ، فَهُوَ أَفْضَلُ مُعَلِّمٍ وَأَعْظَمُ قُدْوَةٍ فِي تَارِيخِ البَشَرِيَّةِ كُلِّهَا، وَالَّذِي أَمَرَنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ بِطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِهِ وَالاقْتِدَاءِ بِهِ.

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]،

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]،

وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

وَهَذِهِ بَعْضُ الفَوَائِدِ وَالنَّتَائِجِ الَّتِي يَجْنِيهَا العَبْدُ المُقْتَدِي بِرَسُولِ اللهِ :

1 نَيْلُ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].

2- الهداية والفلاح: قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54].

3-  الفوز بالجنة: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى”، قَالُوا: “يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟! قَالَ: “مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى” (أخرجه البخاري 7280)

4-  معيّته يوم القيامة: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَرَسُولُ اللهِ خَارِجَانِ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَلَقِينَا رَجُلًا عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ : ((مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟)). قَالَ: فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: ((فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)). (رواه مسلم)

5- ـ تحقيق السعادة في الدارين: إِنَّ الْمُؤْمِنَ بِاللهِ الْمُتَّبِعَ لِرَسُولِ اللهِ مُحَمَّدٍ ﷺ يَعِيشُ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً وَسَكِينَةً وَسَعَادَةً. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

6- تحقيق التوازن بين الأفراد والمجتمعات: سِيرَةُ الحَبِيبِ المُصْطَفَى ﷺ بِمَصَادِرِهَا الْمُخْتَلِفَةِ، تَهْدِفُ إِلَى بِنَاءِ الشَّخْصِيَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ القَوِيمَةِ.

7-  النجاة من الزيغ والضلال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ” (رواه ابن ماجه وصححه الألباني)

8- تحصيل مكارم الأخلاق: وَهِيَ الَّتِي تَجْمَعُ مَعْنَى الصَّلَاحِ وَالخَيْرِ كُلِّهِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلَاقِ” (أخرجه أحمد) فَمَا أَحْوَجَنَا اليَوْمَ إِلَى الاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ ﷺ فِي كُلِّ المَجَالَاتِ، وَإِنَّ الأُمَّةَ اليَوْمَ فِي أَمَسِّ الحَاجَةِ إِلَى مَعْرِفَةِ سِيرَةِ نَبِيِّنَا الكَرِيمِ وَالاقْتِدَاءِ بِهِ فِي أَخْلَاقِهِ كُلِّهَا لِنَرْتَقِيَ بِالأَفْرَادِ وَالجَمَاعَاتِ وَالمُؤَسَّسَاتِ. وَخَيْرُ مَا نَخْتِمُ بِهِ هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا خَيْرَ الوَرَى، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أمر بنصرة المظلوم، ووعد بالفرج لعباده الصابرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمّا بعدُ، فيا أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي المقصّرة أولاً بتقوى الله، فهي وصيته للأولين والآخرين.

عباد الله، إن ما يتعرض له إخواننا في غزة والضفة الغربية من حصارٍ وتجويعٍ وتشريدٍ وقتلٍ للأبرياء لهو جريمة بشعة في حق الإنسانية قبل أن يكون في حق المسلمين. تُدمَّر البيوت فوق رؤوس ساكنيها، وتُقطع الكهرباء والماء والدواء، ويُلاحَق الناس في بيوتهم ومساجدهم، في وقتٍ يتخاذل فيه كثير من العالم عن نصرتهم.

يقول الله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ [النساء: 75].

فلنكثر من الدعاء لهم، ولنُحْيِ في قلوبنا واجب النصرة بالمال، وبالإعلام، وبالكلمة الصادقة، وبكل ما نستطيع، فالنبي ﷺ يقول: “مَثَلُ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” [متفق عليه].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، مَا وَقَعَ مُؤَخَّرًا مِنْ غَارَةٍ إِسْرَائِيلِيَّةٍ آثِمَةٍ شَنَّهَا الْجَيْشُ الْإِسْرَائِيلِيُّ وَجِهَازُ الشَّابَاكِ عَبْرَ سِلَاحِ الْجَوِّ مستهدفةً قيادة حركة حماس في الدوحة – قطر، يُعَدّ جريمةً نكراء تُظهر حجم الاستهتار بدماء المسلمين وسيادة بلدانهم.

إن هذا الاستهداف العدواني ليس موجَّهًا لحماس وحدها، بل هو طعنة في خاصرة الأمة كلها، وتأكيد على أن العدو الصهيوني لا يتورع عن انتهاك أي حرمة، ولا يقيم وزنًا لأي قانونٍ أو ميثاق، ما دام المسلمون متفرقين ضعفاء.

يقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الحجرات: 10].

ويقول سبحانه: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].

عباد الله، إنَّ استهداف قادة المقاومة في قلب بلدٍ مسلمٍ آمنٍ، جريمةٌ تستوجب الشجب والاستنكار، وهي علامة التحذير لهذه الأمة أن تفيق من غفلتها، وأن توحّد صفوفها، وأن تدرك أن عدوها واحد، وأن معركتها واحدة.

وما ذلّت الأمة ولا تطاول عليها أعداؤها إلا حين تفرقت كلمتها، وابتعدت عن منهج ربها، وقد حذّرنا الله تعالى فقال: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: 46].

فيا عباد الله، ادعوا الله بقلوبٍ صادقة أن يجمع كلمة المسلمين، وأن يرفع عنهم البلاء، وأن ينصر المجاهدين والمستضعفين في فلسطين وسائر بلاد المسلمين. أقول قولي هذا أستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه كان غفورا رحيما

الدعاء:
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم انصر المستضعفين في غزة والضفة، اللهم ارحم شهداءهم، واشفِ جرحاهم، وفكَّ أسرهم، اللهم احفظ قطر وسائر بلاد المسلمين من كيد الأعداء، اللهم اجعل كيد الصهاينة في نحورهم، واشدد وطأتك عليهم، وأنزل بهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين. اللَّهُمَّ انْصُرِ المُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِكَ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَوَحِّدْ صُفُوفَهُمْ، وَوَفِّقْهُمْ لِاتِّبَاعِ كِتَابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ. اللَّهُمَّ هَيِّئْ لَنَا الأَسْبَابَ لِتَحْرِيرِ المَسْجِدِ الأَقْصَى، وَاهْدِ المُسْلِمِينَ حُكَّامًا وَمَحْكُومِينَ لِإِقَامَةِ شَرِيعَتِكَ، وَنُصْرَةِ دِينِكَ. اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِاليَهُودِ المُعْتَدِينَ، وَبِمَنْ يُعِينُهُمْ مِنَ النَّصَارَى وَالمُنَافِقِينَ. اللَّهُمَّ انْتَقِمْ مِنْهُمْ، وَخَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَنْزِلْ بِهِمْ بَأْسَكَ الَّذِي لَا تُرَدُّهُ عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ. إِنَّكَ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، وَبِالإِجَابَةِ جَدِيرٌ، وَالقَادِرُ عَلَيْهَا. وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

Scroll to Top