يوم عرفة وخصائص اليوم العاشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الثانية لشهر ذي الحجة: بتاريخ 8/12/1445هـ (14 يونيو 2024م)

يوم عرفة وخصائص اليوم العاشر من ذي الحجة والعمل الخير فيه

الخطبة الأولى

الحمد لله على إحسانِه، والشُّكر لهُ على توفِيقه وامْتِنَانِه، شرع لنا سبلَ الهدى والرّشادِ، وهدَانا صِراطًا مستقيمًا، وأسْبَغ علينا نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً، وهو اللطيف الودود، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي من أطاع الله تعالى وترك مَحارِمَه، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله  وأصحابه ومن سار على دَربهم واهْتَدى بِهُداهُم إلى يوم الدين.

أما بعد:

      فاتقوا الله تعالى -أيها المستمعون الكرام- حق التقوى، فإنّ تقوى الله هي أفضلُ وسيلةٍ إلى رضا ربِّنا عز وجل، وسببٌ لدخول الجنة، قال الله تعالى: { تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} (سورة مريم:63).

      أيها المسلمون، لم يبق لنا من العشر من ذي الحجة إلا أيام قليلة، منها يوم عرفة الذي هو الركن الأكبر، ومن لم يقِفْ به من الحُجَّاجِ فلا حجَّ له، ويوم عيد الأضحي الذي هو يوم الحج الأكبر كما سماه عليه الصلاة والسلام وورد ذكر ذلك من القرآن الكريم وسيأتي ذلك،  ولنزداد من الأجر الأكبر والثواب العظيم فى هذه الأيام المباركة، ولِيَتَدَاركَ الْمُقَصِّرُ والْمُفَرِّطُ ما فاته فيما مضى من أول هذه الأيَّام، سيدور موضوع خطبتنا اليوم حول:  “يوم عرفة وخصائص اليوم العاشر من ذي الحجة والعمل الخير فيه

        إخوة الإسلام، إنكم غدا مقبلون على يوم جليل عظيم ألا وهو يوم عرفة من أفضل أيام السنة وهو اليوم الذي يجتمع فيه الحجيج على صعيد عرفات فى أكبر تجمع سنوى دورى للمسلمين، تُغْفَرُ فيه الذُّنوبُ والزَّلاَّتُ وتُكَفَّرُ فيه السَّيئاتُ ويُعْتِق الله تعالى فيه من يشاء من عباده  من النار، وعن عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو  ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ)) (رواه مسلم وابن حبان فى صحيحه والحاكم فى المستدرك. ودَنْوُهُ  سبحانه تعالى فى هذا الحديث من صفاته عز وجل التي يجب الإيمان بها وتصديقها بدون تشبيه، ولا تعطيل أو تأويل). وهو اليوم الذي أكمل الله تعالى فيه الملة وأتم به النعمة قال أمير المومنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه-: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تقرءونها، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} (سورة المائدة: 3)، فقال عُمَرُ: قَدْ عَرْفَنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأنَا واللهِ بِعَرَفَةَ)) ” أَشَارَ عُمَرُ  هنا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ عِيدًا لَنَا” ( انظر: مختصر صحيح الإمام البخاري  باب الزكاة من الإسلام 1/33).

وهذا اليوم أيضا -أيها المسلمون- يباهي الله تعالى فيه بأهل السماء من الملائكة، ويُحَقِّرُ الشَّيطانَ وَيُذِلُّهُ، وعن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ مَلَائِكَةَ أَهْلِ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي هَؤُلَاءِ جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا)) ( إسناده صحيح رواه ابن حبان وابن خزيمة فى صحيحهما)،  وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا، هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ، مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ)) ( حديث حسن رواه الإمام مالك فى موطأ باب جامع الحج 1/422 والإمام القرطبي فى تفسيره 13/168).

ومن السنة فى يوم عرفة -أيها الإخوة الكرام- أن يَصُومَهُ غَيْرُ الْحَاجِّ، لأن صيامه يكفر سنتين: سنة قبله وسنة بعده، وعن أبي قتادة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)) (رواه الترمذي فى باب ما جاء فى فضل صوم يوم عرفة 3/115 وقال: حديث حسن وصححه الألباني فى صحيح الترمذي)، كما يُشْرَعُ أيضا فى هذا اليوم لِلحُجَّاج وغيرِهم أنْ يُكْثروا من الدعاء، ومن شهادة التوحيد،  عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (رواه الترمذي  قال: “هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ورواه أحمد فى المسند وحسنه الألباني ) وليحرص المسلم على الصيام وعلى الدعاء في هذا اليوم العظيم، اغتناما لفضله، ورجاء للإجابة والقَبُول، وأن يدعو لنفسه ووالديه وأهله وللإسلام والمسلمين.

      أيها المسلمون، اعلموا رحمكم الله أن يوم النحر الذي اليوم العاشر من ذي الحجة  من أيام الله تعالى وهو يوم الحج الأكبر كما أخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر فى الحجة التي حج فيها فقال: (أي يوم هذا؟) فقالوا: يوم النحر، فقال: (هذا يوم الحج الأكبر)) (رواه أبو داود فى سننه وصححه الألباني فى صحيح أبي داود). وَوَردَ ذِكرُ يوم الحج الأكبر فى القرآن الكريم، قال تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} (سورة التوبة:3) وسُمِي يومُ الحج الأكبر لِمَا فى ليلته من الوقوف بعرفة والْمَبِيت بالْمَشْعَر الحرام والرَّمْي فى نهاره والنَّحْر والْحَلْق والطَّواف والسَّعْي من أعمال الحج، وهذا اليوم من أفضل أيام السنة كما جاء فى حديث عبد الله بن قُرْط -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ)) ( إسناده صحيح رواه أبو داود. باب فى الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ 2/148) (يوم القرِّ: يَوْمَ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ النَّحْر).  وفى هذا اليوم العظيم أعلن أبو بكر رضي الله عنه -لما حج بالناس – تحريم الحج على المشركين وتخصيص حرم الله تعالى ومناسكه بالموحدين تطهيرا للبيت والمناسك من الشرك وأهله، وقد روي أبو هريرة، قال: بَعْثَنِي أبو بكر رضي الله عنه في تلك الحَجَّةِ في الْمُؤَذِّنِين، بَعَثَهُمْ يومَ النَّحْر يُؤَذِّنُونَ بِمنى، أنْ لا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ولا يَطُوفُ بالبيتِ عُرْيَانٌ، قال حميد: ثم أَرْدَفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَلِيّ بن أبي طالب فأَمَرَهُ أنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَة))، قال أبو هريرة: فأَذَّنَ مَعَنا عَليٌّ في أهلِ مِنًى يومَ النَّحْرِ بِبَرَاءَة، ((وأنْ لاَ يَحُجَّ بَعْد الْعامِ مُشْرِكٌ ولاَ يَطوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ)).

         إخوة الإيمان، إن هذا اليوم هو أكبر عيد المسلمين وأفضله وفيه من الشعائر الطاهرة ما ليس فى غيره من الأعياد الإسلامية، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:  “عيد النحر وهو أكبر العيدين وأفضلهما يأتي بعد الوقوف بعرفة،  ويوم عرفة هو يوم العتق من النار فيعتق الله من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده فإذا كمل يوم عرفة وأعتق الله عباده المؤمنين من النار اشترك المسلمون كلهم في العيد عقب ذلك وشرع للجميع التقرب إليه بالنسك وهو إراقة دماء القرابين”.  (انظر: لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ص:276).

           عباد الله، اعلموا أن هناك أعمال الخير التي إذا قام بها المسلم فى يوم النحر وأيام التشريق بعده سيفوز بالأجر الجزيل، ومن هذه الأعمال: صلاة عيد الأضحى التي  هى من أعظم شعائر الإسلام وقد صلاها رسول الله عليه الصلاة والسلام ودوام على فعلها هو وأصحابه والمسلمون فى زمنه وبعد زمنه، وعن البراء، قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال: ((إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْء)) (رواه البخاري ومسلم)، ويبدأ وقتها من ارتفاع الشمس قدر ثلاثة أمتار بعد طلوعها (حوالي خمسة عشر دقيقة) وينتهي وقتها إلى الزوال، ولها وقت واسع. ومن أعمال الخير يوم عيد الأضحي ذبح الأضحية، وهى من شعائر الله تعالى،قال سبحانه: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب} (سورة الحج: 32) ” وتعظيمها: استسمانها واختيار أفضلها وأغلاها وأنفسها وذبحها قربة إلى الله تعالى” وفى هذا اليوم -أيضا- مع أيام التشريق  يُسَنُّ تكبيرُ الله عز وجل، للرجال والنساء والكبار والصغار ولفظه: ” الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد” ويسن التكبير المطلق من ليلة العيد، وفى الطريق إلى المصلَّى وأثناء التواجد بالمصلَّى قبل أداء الصلاة، ويبدأ وقت التكبير المقيد من صلاة الظهر من يوم العيد إلى صلاة الصبح أو العصر من آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذى الحجة لقوله تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (سورة البقرة: 203) قال ابن عباس: ” الأيام المعدودات” أيام التشريق. وقال عكرمة: التكبير أيام التشريق بعد الصلوات المكتوبات” (انظر: تفسير ابن كثير 1/560)

        أيها المسلمون، هناك مظاهرٌ حميدةٌ فى العيد ينبغي تشجيعُها والعمل علي بقائها فمنها: التّزَاوُرُ وصلةُ الأرحام والتوسعة على الأهل والصدقة على الفقراء وإدخال السرور على من حُرِمَ فرحةَ العيد.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة،  فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أنعم علينا بمواسم الطاعات وميادين الخيرات، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلَّى الله عليه وآله وأصحابه وسلَّم تسليما.

وبعد:

{يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (سورة آل عمران: 102).

        أيها المسلمون، اعلموا رحمكم الله أن للأعياد فى الإسلام آدابا كثيرة أرشدنا إليها نَبِيُّنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، وإنَّنَا سنُقْبِلُ على عيد الأضحي، وينبغي أن نتحلي بها اتباعا لِسُنةِ الهُدَى. ومن هذه الآداب:

أولا: استحباب الاغتسال والتَّجمُّل بأحسن الثياب والتَّطيُّب بأطيب ما يجد المسلم من طِيب:

 عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: (كَانَ يَغْتَسِلُ لِلْعِيدَيْنِ، وَيَغْدُو قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ)  (انظر: أحكام العيدين للفِرْيابي ص:79). وعن جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيّ صَلّى الله عَلَيه وَسَلّم ( كَان يَلْبَسُ بُرْدَ حِبَرَةَ فِي كُلِّ عِيدٍ ) (رواه البيهقى فى السنن الكبرى والشافعي فى المسند) “برد حبرة: نوع من برود اليمن”. وقال ابن القيم: ” وكان -صلى الله عليه وسلم- يلبس لهما أجمل ثيابه وكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة (انظر: فقه السنة لسيد سابق 1/317). أما النساء فيَبْتَعِدْنَ عنِ الزِّينَةِ إذا خَرَجْنَ لأنهن منهياتٌ عن إظهار الزينة للرجال الأجانب وكذلك يَحْرُم على من أرادت الخروج أن تمسَّ الطِّيبَ.

ثانيا: تأخير الأكل في عيد الاضحى حتى يرجع من المصلَّى فيأكل من أُضْحِيَّتِه إن كانت له أضحيةٌ:

وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلى الله عَلَيه وَسَلّم-: ” لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ، وَلَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ ”  (حديث حسن رواه أحمد فى المسند)

ثالثا: الخروج إلى المصلى خارج البلد وهو أفضل (ما عدا مكة فإن صلاة العيد في المسجد الحرام أفضل)، أما إذا  كان عُذرٌ يَمْنَعُ الخُرُوجَ، من مَطرٍ، أو خَوْفٍ، أو غيرِه، صَلَّوْا في الجَامِعِ، كما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّه أصَابَهُم مَطَرٌ في يومِ عِيدٍ، فصلَّى بهم النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاةَ العِيد في المَسْجِدِ. (رواه أبو داود، وابن ماجه.  وانظر: المغني لابن قدامة 3/261).

رابعا: خروج النساء والصبيان: يشرع خروج الصبيان والنساء في العيدين للمصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض، وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ فِي الْعِيدَيْنِ; يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى. (متفق عليه. وانظر: بلوغ المرام من أدلة الأحكام ص:206). وعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عهما أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَ يُخْرِجُ نِسَاءَهُ وَبَنَاتَهُ فِي الْعِيدَيْنِ) انظر: سبل السلام 1/429)

خامسا: عدم الخروج من المصلَّى عقب الانتهاء من صلاة العيد، للاستماع إلى الخطبة.

سادسا: مخالفة الطريق : بمعنى الذهاب إلى المصلى لأداء صلاة العيد من طريق والرجوع من الصلاة من طريق آخر مختلف، وهذا سنة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وعن أبي هريرة قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدِ رَجَعَ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَخَذَ فِيه) ( حديث حسن لغيره. رواه ابن ماجه والبيهقي)

سابعا: اللعب واللهو والغناء والاكل في الاعياد: اللعب المباح، واللهو البرئ، والغناء الحسن، ذلك من شعائر الدين التي شرعها الله في يوم العيد، رياضة للبدن وترويحا عن النفس:

قالتْ عائشةُ رضي الله عنها: ((أَنَّ الْحَبَشَةَ كَانُوا يَلْعَبُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، قَالَتْ: فَاطَّلَعْتُ مِنْ فَوْقِ عَاتِقِهِ، فَطَأْطَأَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْكِبَيْهِ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِ عَاتِقِهِ حَتَّى شَبِعْتُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ)) ( إسناده صحيح على شرط الشيخين رواه أحمد).

وقالتْ أيضا: ((دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا)) (رواه البخاري).

.ثامنا: التهنئة وهى عادة حسنة:

التهنئة بالعيد من العادات الحسنة التى تعارف عليها الناس  مع ما فيها من تأليف القلوب وجلب المودة والألفة. وفي استحباب التهنئة بالعيد قوله: “عن جُبير بن نفير قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك)). قال الحافظ (أي الإمام السيوطي): إسناده حسن” (انظر: فقه السنة 1/325 . وتمام المنة فى تعليق على فقه السنة للألباني ص: 354).

الدعاء:

اللهمَّ اجْعلْنا من عَبِيدِك الْمُخْلِصِينَ، ومن الْمُتَّقِين، ومن الذين يذْكرونك كثيرا، ومن الذين يشكرونك علىى نعمتك، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وخطايانا، وإسرافنا على أنفسنا، وأنت أعلم بذنوبنا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم ارزقنا حسن الخاتمة، واجعنا من أهل الجنة، ونَجِّنا من النار. برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الكُفر والكافرين، اللهم إنَّا نَدْرَأُ بك فى نُحُورِهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم، اللهم ألف بين قلوب المسلمين على الحق،  اللهم انصر الشعب الفلسطين نصرا عزيزا عاجلا،  وفَرِّجْ الحِصارَ عنهم، اللهم ارفع  كَرْبَهُمْ، واكْشِفْ ضُّرَّهم،  اللهم آمنا فى أوطاننا، وأصلح اللهم ولاة أمورنا، ووفقهم لما تحب وترضى، اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، يا أرحم الراحمين ويا رب العالمين.

Scroll to Top